(وَيُوفِي حَاكِمٌ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ إنْ وُجِدَ) لَهُ مَالٌ، (وَإِلَّا بَاعَ الْمَبِيعَ، وَوَفَّى ثَمَنَهُ مِنْهُ) ، وَحَفِظَ الْبَاقِيَ إنْ كَانَ؛ لِأَنَّ لِلْحَاكِمِ وِلَايَةَ مَالِ الْغَائِبِ، كَمَا يَأْتِي فِي الْقَضَاءِ. وَإِنْ لَمْ يُوفِ الْمَبِيعُ بِالثَّمَنِ، فَيَتْبَعُ بَائِعٌ مُشْتَرِيًا بِمَا بَقِيَ لَهُ بَعْدَ رُجُوعِهِ مِنْ هَرَبِهِ.
[فَصْلٌ اخْتَلَفَا الْبَائِعَانِ فِي صِفَةِ الثَّمَن]
(فَصْلٌ: وَإِنْ اخْتَلَفَا) ، أَيْ: الْبَائِعَانِ (فِي صِفَةِ ثَمَنٍ) اتَّفَقَا عَلَى ذِكْرِهِ فِي الْبَيْعِ (وَيَتَّجِهُ أَوْ) اخْتَلَفَا فِي (جِنْسِهِ) ، كَمَا لَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ عَقَدَ بِذَهَبٍ، وَالْآخَرُ بِفِضَّةٍ، أَوْ أَحَدُهُمَا بِنَقْدٍ وَالْآخَرُ بِعَرَضٍ، أَيْ: فَالْحُكْمُ فِيهِمَا كَاخْتِلَافٍ فِي الصِّفَةِ، وَهَذَا لَيْسَ بِوَجِيهٍ، إذْ الْمَذْهَبُ أَنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ، وَيُفْسَخُ الْعَقْدُ، كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ أَوْ عَيْنِهِ. وَتَقَدَّمَ، (أُخِذَ بِيَمِينِ مُدَّعِي نَقْدِ الْبَلَدِ) إنْ لَمْ يَكُنْ بِهَا إلَّا نَقْدٌ وَاحِدٌ وَادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا، فَيَقْضِي لَهُ بِهِ عَمَلًا بِالْقَرِينَةِ، وَلِأَنَّ الظَّاهِرَ وُقُوعُ الْعَقْدِ بِهِ، فَلَوْ أَبْطَلَ السُّلْطَانُ ذَلِكَ النَّقْدَ، لَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ إلَّا ذَلِكَ النَّقْدُ، كَمَا لَوْ أَسْلَمَ حِنْطَةً، فَرَخُصَتْ، فَلَيْسَ لَهُ غَيْرُهَا.
(ثُمَّ) إنْ كَانَ بِالْبَلَدِ نُقُودٌ وَاخْتَلَفَتْ رَوَاجًا، أَخَذَ (غَالِبَهُ رَوَاجًا) ، لِغَلَبَتِهِ وَكَثْرَةِ الْمُعَامَلَةِ بِهِ، (فَإِنْ اسْتَوَتْ) النُّقُودُ رَوَاجًا (فَالْوَسَطُ) مِنْهَا، تَسْوِيَةً بَيْن حَقَّيْهِمَا، وَدَفْعًا لِلْمِيلِ عَلَى أَحَدِهِمَا، وَإِنَّمَا أَوْجَبْنَا عَلَى مُدَّعِي الْمَأْخُوذِ الْيَمِينَ، لِاحْتِمَالِ مَا قَالَهُ خَصْمُهُ.
(وَيَتَّجِهُ) إنَّمَا يَرْجِعُ إلَى مَا ذُكِرَ حَيْثُ ادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا، (وَإِلَّا) بِأَنْ ادَّعَيَا غَيْرَهُ، (تَحَالَفَا، أَوْ تَفَاسَخَا) - ذَكَرَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ - (لِعَدَمِ) دَلِيلٍ (ظَاهِرٍ) يَدُلُّ عَلَى صِدْقِ أَحَدِهِمَا، (وَاحْتُمِلَ) لَوْ كَانَ اخْتِلَافُهُمَا (مَعَ تَفَاوُتِ الثَّمَنَيْنِ قِيمَةً، أَنْ يَكُونَ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي الْقَدْر) ، أَيْ: فِي قَدْرِ الثَّمَنِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute