[فَصْلٌ لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ إلَّا فِي تَصَرُّفٍ مَعْلُومٍ]
(فَصْلٌ: وَلَا تَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (إلَّا فِي) تَصَرُّفٍ (مَعْلُومٍ) لِيَعْلَمَ الْوَصِيُّ مَا وَصَّى بِهِ إلَيْهِ لِيَتَصَرَّفَ فِيهِ كَمَا أَمَرَ (يَمْلِكُ) الْمُوصِي (فِعْلَهُ) ؛ أَيْ: مَا وَصَّى فِيهِ؛ لِأَنَّهُ أَصْلٌ، وَالْوَصِيُّ فَرْعُهُ، وَلَا يَمْلِكُ الْفَرْعُ مَا لَا يَمْلِكُهُ الْأَصْلُ (كَإِمَامٍ) أَعْظَمَ يُوصِي (بِخِلَافَةٍ) كَمَا وَصَّى أَبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ، وَعَهِدَ عُمَرُ إلَى أَهْلِ الشُّورَى، (وَكَ) أَنْ يُوصِيَ مَدِينٌ فِي (قَضَاءِ دَيْنٍ) عَلَيْهِ (وَ) كَالْوَصِيَّةِ فِي (تَفْرِيقِ وَصِيَّةٍ وَرَدِّ أَمَانَةٍ وَغَصْبٍ) وَعَارِيَّةٍ (وَنَظَرٍ فِي أَمْرِ غَيْرِ مُكَلَّفٍ) رَشِيدٍ مِنْ طِفْلٍ وَمَجْنُونٍ وَسَفِيهٍ (وَحَدِّ قَذْفٍ) لِأَنَّ الْوَصِيَّ يَتَصَرَّفُ بِالْإِذْنِ؛ فَلَمْ يَجُزْ إلَّا فِي مَعْلُومٍ يَمْلِكُهُ الْمُوصِي كَالْوَكَالَةِ وَ (يَسْتَوْفِيهِ لِنَفْسِهِ) ؛ أَيْ: لِلْمُوصِي نَفْسِهِ (لَا لِمُوصًى إلَيْهِ) لِأَنَّ الْمُوصِيَ يَمْلِكُ فِعْلَ ذَلِكَ، فَمَلَكَهُ وَصِيُّهُ كَوَكِيلِهِ.
وَيَصِحُّ الْإِيصَاءُ (بِتَزْوِيجِ مَوْلَيَاتِهِ) كَبَنَاتِهِ وَلَوْ كُنَّ دُونَ تِسْعٍ (وَيَقُومُ وَصِيٌّ مَقَامَهُ) ؛ أَيْ: مَقَامَ الْمُوصِي (فِي الْإِجْبَارِ) كَالْأَبِ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُهُ كَوَكِيلِهِ، وَيَأْتِي فِي بَابِ أَرْكَانِ النِّكَاحِ مُفَصَّلًا.
تَنْبِيهٌ: لَيْسَ لِلْوَصِيِّ قَضَاءُ الدَّيْنِ إلَّا إذَا ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ؛ إذْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ وَلَا مُدَّعِي الدَّيْنِ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ؛ غَيْرَ مَا يَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ، فَأَمَّا الْوَصِيَّةُ بِالنَّظَرِ عَلَى وَرَثَتِهِ فِي أَمْوَالِهِمْ، فَإِذَا كَانَ الْمُوصِي ذَا وِلَايَةٍ عَلَيْهِمْ فِي الْمَالِ كَأَوْلَادِهِ الصِّغَارِ وَالْمَجَانِينِ وَمَنْ لَمْ يُؤْنَسْ رُشْدُهُ مِنْهُمْ؛ فَلَهُ أَنْ يُوصِيَ فِيمَنْ يَنْظُرُ فِي أَمْوَالِهِمْ بِحِفْظِهَا، وَيَتَصَرَّفَ لَهُمْ فِيهَا بِمَا لَهُمْ الْحَظُّ فِيهِ؛ لِقِيَامِ وَصِيِّهِ مَقَامَهُ.
وَ (لَا) تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ مِنْ (الْمَرْأَةِ عَلَى أَوْلَادِهَا وَلَا) مِنْ الْمُوصِي عَلَى (مَنْ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِمْ) كَالْعُقَلَاءِ الرَّشِيدِينَ مِنْ أَوْلَادِهِ وَ (كَأَوْلَادِ ابْنِهِ) وَغَيْرِهِمْ كَإِخْوَتِهِ مُطْلَقًا وَأَعْمَامِهِ وَبَنِيهِمْ، وَبَنَاتِهِمْ كَذَلِكَ وَسَائِرُ مَنْ عَدَا أَوْلَادِهِ لِصُلْبِهِ فَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ عَلَيْهِمْ؛ إذْ لَا وِلَايَةَ لِغَيْرِ الْأَبِ كَمَا تَقَدَّمَ. (وَلَا) تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ (بِاسْتِيفَاءِ دَيْنٍ مَعَ رُشْدِ وَارِثِهِ وَلَوْ مَعَ غَيْبَتِهِ) ؛ أَيْ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute