الْوَارِثِ؛ لِانْتِقَالِ الْمَالِ إلَى مَنْ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ، فَلَمْ تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ بِاسْتِيفَائِهِ كَمَا تَقَدَّمَ؛ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُونُوا وَارِثِينَ.
فَائِدَةٌ: قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: مَا أَنْفَقَهُ وَصِيٌّ مُتَبَرِّعٌ بِالْمَعْرُوفِ فِي ثُبُوتِ الْوَصِيَّةِ؛ فَمِنْ مَالِ الْيَتِيمِ انْتَهَى، وَعَلَى قِيَاسِهِ كُلُّ مَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ لَهُ.
(وَمَنْ وَصَّى فِي) فِعْلِ (شَيْءٍ لَمْ يَصِرْ وَصِيًّا فِي غَيْرِهِ) لِأَنَّهُ اسْتَفَادَ التَّصَرُّفَ بِإِذْنِ مُوصِيهِ، فَكَانَ مَقْصُورًا عَلَى مَا أَذِنَ لَهُ فِيهِ كَالْوَكِيلِ، فَإِنْ وَصَّى إلَيْهِ فِي تَرِكَتِهِ وَأَنْ يَقُومَ مَقَامَهُ؛ فَهَذَا وَصِيٌّ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِ، يَبِيعُ وَيَشْتَرِي إذَا كَانَ نَاظِرًا لَهُمْ، وَإِنْ خَصَّصَهُمَا بِشَيْءٍ لَمْ يَتَعَدَّهُ (كَوَصِيَّتِهِ بِتَفْرِيقِ ثُلُثِهِ) فَلَهُ فِعْلُهُ دُونَ غَيْرِهِ (أَوْ) وَصِيَّتِهِ (بِقَضَاءِ دَيْنِهِ أَوْ) بِ (النَّظَرِ إلَى أَمْرِ أَطْفَالِهِ) أَوْ تَزْوِيجِهِمْ، فَلَا يَتَجَاوَزُهُ، وَإِنْ جَعَلَ الْمُوصِي لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الْخِصَالِ وَصِيًّا؛ جَازَ عَلَى مَا قَالَ، وَيَتَصَرَّفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِيمَا جَعَلَ الْمُوصِي إلَيْهِ خَاصَّةً (وَمَنْ وَصَّى) إلَيْهِ (بِتَفْرِيقِ ثُلُثٍ أَوْ قَضَاءِ دَيْنٍ) عَلَى الْمَيِّتِ (فَأَبَى وَرَثَةٌ) إخْرَاجَ ثُلُثِ مَا بِأَيْدِيهِمْ (أَوْ جَحَدُوا) الدَّيْنَ (وَتَعَذَّرَ ثُبُوتُهُ قَضَى) الْمُوصَى إلَيْهِ (الدَّيْنَ بَاطِنًا) بِلَا عِلْمِ الْوَرَثَةِ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ حَاكِمٌ؛ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ إنْفَاذِ مَا وُصِّيَ إلَيْهِ بِفِعْلِهِ، فَوَجَبَ عَلَيْهِ؛ كَمَا لَوْ لَمْ يَجْحَدْهُ الْوَرَثَةُ، وَلِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُمْ إلَّا بَعْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ (وَأَخْرَجَ) الْمُوصَى إلَيْهِ (بَقِيَّةَ الثُّلُثِ) الْمُوصَى إلَيْهِ بِتَفْرِقَتِهِ (مِمَّا فِي يَدِهِ) لِأَنَّ حَقَّ الْمُوصَى لَهُمْ بِالثُّلُثِ مُتَعَلِّقٌ بِأَجْزَاءِ التَّرِكَةِ، وَحَقَّ الْوَرَثَةِ مُؤَخَّرٌ عَنْ الْوَصِيَّةِ وَوَفَاءِ الدَّيْنِ، فَوَجَبَ تَقْدِيمُهَا وَدَفْعُهَا لِأَرْبَابِهَا (عَمَّا فِي أَيْدِي الْوَرَثَةِ) وَمَحَلُّ وُجُوبِ ذَلِكَ عَلَى الْوَصِيِّ (إنْ لَمْ يَخَفْ تَبَعَةً) ؛ أَيْ: رُجُوعَ الْوَرَثَةِ عَلَيْهِ بِمَا دَفَعَهُ فِي الدَّيْنِ أَوْ الْوَصِيَّةِ وَيُنْكِرُونَهُمَا - وَلَا بَيِّنَةَ بِهِمَا - فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ؛ لِلْعُذْرِ (وَإِنْ فَرَّقَهُ) ؛ أَيْ: الثُّلُثَ مُوصًى إلَيْهِ بِتَفْرِيقِهِ (ثُمَّ ظَهَرَ) عَلَى مُوصٍ (دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُهُ) ؛ أَيْ: الثُّلُثَ؛ لِاسْتِغْرَاقِهِ جَمِيعَ الْمَالِ؛ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ بِعَدَمِ عِلْمِهِ رَبَّ الدَّيْنِ (أَوْ جَهِلَ مُوصًى لَهُ) بِالثُّلُثِ كَقَوْلِهِ: أَعْطُوا ثُلُثَيْ قَرَابَتِي فُلَانٍ، فَلَمْ يُعْلَمْ لَهُ قَرِيبٌ بِهَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute