[فَصْلٌ نَوَى بِغُسْلٍ رَفْعَ الْحَدَثَيْنِ الْأَكْبَرِ وَالْأَصْغَرِ]
(فَصْلٌ) (وَمَنْ) (نَوَى بِغُسْلٍ رَفْعَ الْحَدَثَيْنِ) الْأَكْبَرِ وَالْأَصْغَرِ، (أَوْ) نَوَى رَفْعَ (الْحَدَثِ وَأَطْلَقَ) وَاغْتَسَلَ، أَجْزَأَ عَنْهُمَا، (أَوْ) نَوَى بِغُسْلِهِ (أَمْرًا) - أَيْ: فِعْلَ أَمْرٍ - (لَا يُبَاحُ إلَّا بِوُضُوءٍ وَغُسْلٍ كَطَوَافٍ) وَصَلَاةٍ وَمَسِّ مُصْحَفٍ وَاغْتَسَلَ (أَجْزَأَ) غُسْلُهُ (عَنْهُمَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} [النساء: ٤٣] جَعَلَ الْغُسْلَ غَايَةً لِلْمَنْعِ مِنْ الصَّلَاةِ، فَإِذَا اغْتَسَلَ وَجَبَ أَنْ لَا يُمْنَعَ مِنْهَا، وَلِأَنَّهُمَا عِبَادَتَانِ مِنْ جِنْسٍ، فَدَخَلَتْ الصُّغْرَى فِي الْكُبْرَى، كَالْعُمْرَةِ فِي الْحَجِّ إذَا كَانَ قَارِنًا (وَإِنْ نَوَى) الْجُنُبُ وَنَحْوُهُ (أَحَدَهُمَا) - أَيْ: الْحَدَثَيْنِ - (لَمْ يَرْتَفِعْ غَيْرُهُ) لِحَدِيثِ «وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» (أَوْ) نَوَى (مَا يُبَاحُ بِأَحَدِهِمَا) كَاللُّبْثِ فِي الْمَسْجِدِ، (لَمْ يَرْتَفِعَا) مَعًا (بَلْ) يَرْتَفِعُ (مَا نَوَاهُ) مِنْ الْحَدَثَيْنِ فَقَطْ دُونَ مَا لَمْ يَنْوِهِ.
(فَمَنْ) كَانَتْ حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ (وَنَوَتْ) بِغُسْلِهَا (حِلَّ وَطْءٍ صَحَّ غُسْلُهَا) وَارْتَفَعَ الْحَدَثُ الْأَكْبَرُ فَقَطْ؛ لِأَنَّ حِلَّ وَطْئِهَا يَتَوَقَّفُ عَلَى رَفْعِهِ، (وَكَذَا) لَوْ نَوَى مَنْ عَلَيْهِ غُسْلٌ بِالْغُسْلِ اسْتِبَاحَةَ قِرَاءَةِ قُرْآنٍ ارْتَفَعَ الْأَكْبَرُ فَقَطْ؛ لِأَنَّ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ إنَّمَا تَتَوَقَّفُ عَلَى رَفْعِهِ لَا عَلَى رَفْعِ الْأَصْغَرِ، أَوْ نَوَى اسْتِبَاحَةَ (لُبْثٍ بِمَسْجِدٍ) ارْتَفَعَ الْأَكْبَرُ فَقَطْ.
(وَسُنَّ لِكُلٍّ مِنْ جُنُبٍ وَلَوْ أُنْثَى وَحَائِضٍ وَنُفَسَاءَ انْقَطَعَ دَمُهُمَا غَسْلُ فَرْجِهِ) لِإِزَالَةِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْأَذَى، (وَ) كَذَا (وُضُوءُهُ لِنَوْمٍ) ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: «أَيَرْقُدُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، إذَا تَوَضَّأَ فَلْيَرْقُدْ» وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ غَسَلَ فَرْجَهُ وَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا.
(وَكَذَا كَافِرٌ أَسْلَمَ) فَيُسَنُّ لَهُ غَسْلُ فَرْجِهِ، وَالْوُضُوءُ لِنَوْمٍ أَوْ أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ أَوْ إعَادَةِ وَطْءٍ قِيَاسًا عَلَى مَنْ ذُكِرَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute