للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعُتُوِّهَا؛ (لَمْ يَضْمَنْ) .

ذَكَرَهُ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي الطُّرُقِ الْحُكْمِيَّةِ، ثُمَّ قَالَ: (وَكَذَا لَوْ رَأَى السَّيْلَ يَقْصِدُ) الدَّارَ (الْمُؤَجَّرَةَ) ، فَبَادَرَ، (وَهَدَمَ الْحَائِطَ لِيَخْرُجَ السَّيْلُ) ، وَلَا يَهْدِمَ الدَّارَ؛ كَانَ مُحْسِنًا، وَلَا يَضْمَنُ. انْتَهَى.

(وَالْآبِقُ) وَغَيْرُهُ مِنْ الْمَالِ الضَّائِعِ (بِيَدِ آخِذِهِ أَمَانَةٌ) ، إنْ تَلِفَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ رَدِّهِ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ وَلَا تَعَدٍّ؛ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُحْسِنٌ بِأَخْذِهِ، (وَمَنْ ادَّعَاهُ) - أَيْ: الْآبِقَ - أَنَّهُ مِلْكُهُ بِلَا بَيِّنَةٍ، (فَصَدَّقَهُ الْآبِقُ الْمُكَلَّفُ؛ أَخَذَهُ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا اُسْتُحِقَّ أَخْذُهُ بِوَصْفِهِ إيَّاهُ فَتَصْدِيقُهُ عَلَى أَنَّهُ مِلْكُهُ أَوْلَى.

وَأَمَّا قَوْلُ الصَّغِيرِ فَغَيْرُ مُعْتَبَرٍ، (فَإِنْ لَمْ يَجِدْ) وَاجِدُ الْآبِقِ (سَيِّدَهُ؛ دَفَعَهُ لِنَائِبِ إمَامٍ) فَيَحْفَظُهُ لِرَبِّهِ إلَى أَنْ يَجِدَهُ، (وَلِنَائِبِ إمَامٍ بَيْعُهُ

لِمَصْلَحَةٍ

) رَآهَا فِي بَيْعِهِ، وَيَحْفَظُ ثَمَنَهُ؛ لِانْتِصَابِهِ لِذَلِكَ.

(فَلَوْ قَالَ سَيِّدُهُ بَعْدَ بَيْعٍ) ؛ أَيْ: بَعْدَ أَنْ بَاعَهُ وَاجِدُهُ: (كُنْتُ أَعْتَقْتُهُ) قَبْلَ صُدُورِ الْبَيْعِ؛ (عُمِلَ بِهِ) - أَيْ بِقَوْلِهِ هَذَا - (وَبَطَلَ الْبَيْعُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُرُّ بِهِ إلَى نَفْسِهِ نَفْعًا، وَلَا يَدْفَعُ عَنْهَا ضَرَرًا، وَلَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ مَا يُنَافِيهِ، وَلَيْسَ لِوَاجِدِ الْعَبْدِ بَيْعُهُ وَلَا يَمْلِكُهُ بَعْدَ تَعْرِيفِهِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ يَتَحَفَّظُ بِنَفْسِهِ؛ فَهُوَ كَضَوَالِّ الْإِبِلِ، لَكِنْ جَازَ الْتِقَاطُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ لِحَاقُهُ بِدَارِ الْحَرْبِ وَارْتِدَادُهُ وَاشْتِغَالُهُ بِالْفَسَادِ.

[تَكْمِيلٌ كُلُّ مَا جَازَ أَنْ يَكُونَ عِوَضًا فِي الْإِجَارَةِ جَازَ أَنْ يَكُونَ عِوَضًا فِي الْجَعَالَةِ]

تَكْمِيلٌ: وَكُلُّ مَا جَازَ أَنْ يَكُونَ عِوَضًا فِي الْإِجَارَةِ جَازَ أَنْ يَكُونَ عِوَضًا فِي الْجَعَالَةِ؛ فَيَصِحُّ أَنْ يَجْعَلَ لِعَامِلٍ نَفَقَتَهُ وَكِسْوَتَهُ؛ كَاسْتِئْجَارِهِ بِذَلِكَ مُفْرَدًا أَوْ مَعَ دَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ، وَتَزِيدُ الْجَعَالَةُ بِجُعْلٍ مَجْهُولٍ مِنْ مَالِ حَرْبِيٍّ، وَكُلُّ مَا جَازَ عَلَيْهِ أَخْذُ الْعِوَضِ فِي الْإِجَارَةِ مِنْ الْأَعْمَالِ جَازَ عَلَيْهِ أَخْذُ الْعِوَضِ فِي الْجَعَالَةِ، وَمَا لَا يَجُوزُ أَخْذُ الْعِوَضِ عَلَيْهِ فِي الْإِجَارَةِ كَالْغِنَاءِ وَالزَّمْرِ وَسَائِرِ الْمُحَرَّمَاتِ لَا يَجُوزُ أَخْذُ الْجُعْلِ عَلَيْهِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: ٢] .

<<  <  ج: ص:  >  >>