بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ أَمَانَةً؛ كَمَا لَوْ كَانَتْ فِي الْمُدَّةِ (بِيَدِهِ) - أَيْ: الْمُسْتَأْجِرِ - فَإِنْ تَلِفَتْ الْمُؤَجَّرَةُ قَبْلَ رَدِّهَا؛ (فَلَا تُضْمَنُ بِلَا) تَعَدٍّ وَلَا (تَفْرِيطٍ) - وَلَوْ تَمَكَّنَ مِنْ الرَّدِّ - جَزَمَ بِهِ فِي " التَّلْخِيصِ " فِي بَابِ الْوَدِيعَةِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْحَاوِي الصَّغِيرِ " لِأَنَّ الْإِذْنَ فِي الِانْتِفَاعِ قَدْ انْتَهَى، دُونَ الْإِذْنِ فِي الْحِفْظِ، وَمُؤْنَتُهُ كَمُودَعٍ.
(وَلَوْ شَرَطَ مُؤَجِّرٌ عَلَى مُسْتَأْجِرٍ الضَّمَانَ) ؛ فَالْإِجَارَةُ صَحِيحَةٌ، وَالشَّرْطُ فَاسِدٌ؛ (لِأَنَّ مَا لَا يُضْمَنُ) بِدُونِ شَرْطٍ (لَا يَصِيرُ بِالشَّرْطِ مَضْمُونًا) ، لَكِنْ مَتَى طَلَبَهَا رَبُّهَا وَجَبَ تَمْكِينُهُ مِنْهَا، فَإِنْ مَنَعَهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ، صَارَتْ مَضْمُونَةً كَالْمَغْصُوبَةِ، وَنَمَاؤُهَا كَالْأَصْلِ، فَلَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً، فَوَلَدَتْ عِنْدَهُ؛ كَانَ وَلَدُهَا أَمَانَةً كَأُمِّهِ، وَلَيْسَ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي الْعَقْدِ، (وَعَكْسُهُ) بِأَنْ شَرَطَ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ عَدَمَ الضَّمَانِ لِلْمُؤَجَّرَةِ بِتَعَدِّيهِ عَلَيْهَا أَوْ تَفْرِيطِهِ فِي حِفْظِهَا (بِعَكْسِهِ) ؛ أَيْ: يَلْزَمُهُ ضَمَانُ مَا أَتْلَفَهُ بِتَعَدِّيهِ أَوْ تَفْرِيطِهِ؛ لِمُنَافَاةِ هَذِهِ الشُّرُوطِ مُقْتَضَى الْعَقْدِ.
(فَإِنْ شَرَطَ) مُؤَجِّرٌ عَلَى مُسْتَأْجِرٍ (أَنْ لَا يَسِيرَ بِهَا) - أَيْ: الدَّابَّةِ - (لَيْلًا، أَوْ) شَرَطَ أَنْ لَا يَسِيرَ بِهَا (وَقْتَ قَائِلَةِ) ، أَوْ شَرَطَ أَنَّهُ لَا يَنْزِلُ بِمَتَاعِهِ بَطْنَ وَادٍ، (أَوْ) شَرَطَ أَنْ (لَا يَتَأَخَّرَ بِهَا) - أَيْ: الدَّابَّةِ - (أَوْ لَا يَتَقَدَّمَ الْقَافِلَةَ [وَنَحْوَهُ] ) كَشَرْطِهِ أَنْ لَا يَسِيرَ إلَّا مَعَ رُفْقَةٍ وَشَبَهِهِ، (مِمَّا) لِلْمُؤَجِّرِ (فِيهِ غَرَضٌ) ؛ وَجَبَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ بِالشَّرْطِ، فَإِنْ (خَالَفَ) شَيْئًا مِمَّا شُرِطَ (عَلَيْهِ) بِلَا عُذْرٍ، فَتَلِفَتْ؛ (ضَمِنَ) ، لِتَعَدِّيهِ بِمُخَالَفَةِ الشَّرْطِ، كَمَا لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُحَمِّلَ الدَّابَّةَ إلَّا قَفِيزَيْنِ فَحَمَّلَهَا أَكْثَرَ.
[فَائِدَة حُكْمُ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ حُكْمُ الصَّحِيحَةِ]
ِ فِي أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ إذَا تَلِفَتْ الْعَيْنُ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ وَلَا تَعَدٍّ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ لَا يَقْتَضِي الضَّمَانَ فِي صَحِيحِهِ؛ فَلَا يَقْتَضِيهِ فَاسِدُهُ؛ كَالْوَكَالَةِ، وَحُكْمُ كُلِّ عَقْدٍ فَاسِدٍ فِي وُجُوبِ الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ حُكْمُ صَحِيحِهِ، فَمَا وَجَبَ الضَّمَانُ فِي صَحِيحِهِ وَجَبَ فِي فَاسِدِهِ، وَمَا لَا فَلَا.
. (وَلَهُ) - أَيْ: الْمُسْتَأْجِرِ - (إيدَاعُهَا) - أَيْ: الدَّابَّةِ الْمُؤَجَّرَةِ - (بِخَانٍ إذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute