كَانَ الطَّلَاقُ قَبْلَ الدُّخُولِ (بِنِصْفِ مِثْلِهِ) لِأَنَّهُ مِثْلِيٌّ (وَإِنْ لَمْ تَقْبِضْ شَيْئًا) مِمَّا سُمِّيَ لَهَا مِنْ خَمْرٍ وَنَحْوِهِ؛ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا، إذَا أَسْلَمَتْ أَوْ تَرَافَعَا إلَيْنَا؛ لِأَنَّ الْمُحَرَّمَ لَا يَجُوزُ إيجَابُهُ فِي الْحُكْمِ، وَلَا يَكُونُ صَدَاقًا لِمُسْلِمَةٍ وَلَا فِي نِكَاحٍ لِمُسْلِمٍ، فَيَبْطُلُ وَيَرْجِعُ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ (أَوْ لَمْ يُسَمِّ) لَهَا (مَهْرًا) فِي نِكَاحِهَا (فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا) لِأَنَّهُ نِكَاحٌ خَلَا عَنْ تَسْمِيَةٍ، فَوَجَبَ فِيهِ مَهْرُ الْمِثْلِ كَالْمُسْلِمَةِ؛ لِئَلَّا تَصِيرَ كَالْمَوْهُوبَةِ.
[فَصْلٌ إنْ أَسْلَمَ الزَّوْجَانِ مَعًا]
فَصْلٌ (وَإِنْ أَسْلَمَ الزَّوْجَانِ مَعًا) بِأَنْ تَلَفَّظَا بِالْإِسْلَامِ دَفْعَةً وَاحِدَةً. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: يَدْخُلُ فِي الْمَعِيَّةِ لَوْ شَرَعَ الثَّانِي قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ الْأَوَّلُ؛ فَهُمَا عَلَى نِكَاحِهِمَا لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُمَا اخْتِلَافُ دِينٍ؛ لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ رَجُلًا جَاءَ مُسْلِمًا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ جَاءَتْ امْرَأَتُهُ مُسْلِمَةً بَعْدَهُ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّهَا كَانَتْ أَسْلَمَتْ مَعِي، فَرَدَّهَا عَلَيْهِ» (أَوْ) أَسْلَمَ (زَوْجُ كِتَابِيَّةٍ) أَبَوَاهَا كِتَابِيَّانِ، سَوَاءٌ كَانَ الزَّوْجُ كِتَابِيًّا أَوْ لَا، (فَ) هُمَا (عَلَى نِكَاحِهِمَا) وَلَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ؛ لِأَنَّ نِكَاحَ الْكِتَابِيَّةِ يَجُوزُ ابْتِدَاؤُهُ؛ فَاسْتِمْرَارُهُ أَوْلَى.
(وَإِنْ أَسْلَمَتْ كِتَابِيَّةٌ تَحْتَ كَافِرٍ) كِتَابِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ قَبْلَ دُخُولٍ؛ انْفَسَخَ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِكَافِرٍ ابْتِدَاءَ نِكَاحِ مُسْلِمَةٍ (أَوْ) أَسْلَمَ (أَحَدُ) زَوْجَيْنِ (غَيْرِ كِتَابِيَّيْنِ) كَمَجُوسَيْنِ وَوَثَنِيَّيْنِ (قَبْلَ دُخُولٍ؛ انْفَسَخَ) النِّكَاحُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة: ١٠] إلَى قَوْلِهِ، {وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: ١٠] إذْ لَا يَجُوزُ لِكَافِرٍ نِكَاحُ مُسْلِمَةٍ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ عَلَى هَذَا كُلُّ مَنْ يَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَلِأَنَّ دِينَهُمَا اخْتَلَفَ؛ فَلَمْ يَجُزْ اسْتِمْرَارُهُ كَابْتِدَائِهِ، وَتُعُجِّلَتْ الْفُرْقَةُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute