للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَتِمَّةٌ: وَإِنْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى إقْرَارِهِ بِالسَّرِقَةِ، ثُمَّ جَحَدَ، وَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ بِذَلِكَ لَمْ يُقْطَعْ وَلَوْ أَقَرَّ مَرَّةً وَاحِدَةً أَوْ ثَبَتَ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ أَوْ إقْرَارٍ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ رَجَعَ؛ لَزِمَهُ غَرَامَةُ الْمَسْرُوقِ، وَلَا قَطْعَ، وَإِنْ كَانَ رُجُوعُهُ وَقَدْ قُطِعَ بَعْضُ الْمَفْصِلِ لَمْ يُتَمِّمْ إنْ كَانَ يُرْجَى بُرْؤُهُ، لِكَوْنِهِ قَطَعَ الْأَقَلَّ، وَإِنْ قُطِعَ لِأَكْثَرَ فَالْمَقْطُوعُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ قَطَعَهُ لِيَسْتَرِيحَ مِنْ تَعْلِيقِ كَفِّهِ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ وَلَا يَلْزَمُ الْقَاطِعَ قَطْعُهُ؛ لِأَنَّ قَطْعَهُ تَدَاوٍ وَلَيْسَ بِحَدٍّ.

وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ سَرَقَ مِنْ رَجُلَيْنِ، فَصَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا أَوْ حَضَرَ أَحَدُهُمَا، فَطَالَبَ، وَلَمْ يُطَالِبْ الْآخَرُ، لَمْ يُقْطَعْ، فَإِذَا أَقَرَّ أَنَّهُ سَرَقَ مِنْ شَخْصٍ شَيْئًا يَبْلُغُ نِصَابًا، فَقَالَ الشَّخْصُ قَدْ فَقَدْتُهُ مِنْ مَالِي، فَيَنْغِي أَنْ يُقْطَعَ.

[فَصْلٌ إذَا وَجَبَ قَطْعُ السَّارِقِ قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى]

فَصْلٌ (وَإِذَا أُوجِبَ الْقَطْعُ قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى) لِقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ: " فَاقْطَعُوا " أَيْمَانَهُمَا وَهُوَ إمَّا قِرَاءَةٌ أَوْ تَفْسِيرٌ سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ إذْ لَا يُظَنُّ بِمِثْلِهِ أَنْ يُثْبِتَ فِي الْقُرْآنِ بِرَأْيِهِ، وَلِأَنَّهُ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمَا مِنْ الصَّحَابَةِ (لِإِهْدَارِهَا) بِسَبَبِ جِنَايَتِهَا؛ إذْ السَّرِقَةُ لَا تَكُونُ غَالِبًا إلَّا بِهَا فَأُهْدِرَتْ لِذَلِكَ (مِنْ مِفْصَلِ كَفِّهِ) لِقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ تُقْطَعُ يَمِينُ السَّارِقِ مِنْ الْكُوعِ وَلِأَنَّ الْيَدَ تُطْلَقُ عَلَيْهَا إلَى الْكُوعِ وَإِلَى الْمِرْفَقِ وَإِلَى الْمَنْكِبِ، وَإِرَادَةُ مَا سِوَى الْأَوَّلِ مَشْكُوكٌ فِيهِ؛ فَلَا يُقْطَعُ مَعَ الشَّكِّ.

(وَحُسِمَتْ وُجُوبًا) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَارِقٍ: «اقْطَعُوهُ وَاحْسِمُوهُ» . قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِي إسْنَادِهِ مَقَالٌ.

وَحَسْمُهَا بِغَمْسِهَا فِي زَيْتٍ مَغْلِيٍّ لِسَدِّ أَفْوَاهِ الْعُرُوقِ، فَيَنْقَطِعُ الدَّمُ، إذْ لَوْ تُرِكَ بِلَا حَسْمٍ لَنَزَفَ الدَّمُ، فَأَدَّى إلَى مَوْتِهِ الْعُرُوقُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>