للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْأَصْحَابِ.

(وَلِهَاشِمِيٍّ أَخْذُ صَدَقَةِ تَطَوُّعٍ وَنَذْرٍ وَوَصِيَّةٍ لِفُقَرَاءَ) ، لِأَنَّهُمْ إنَّمَا مُنِعُوا مِنْ الزَّكَاةِ، لِأَنَّهَا مِنْ أَوْسَاخِ النَّاسِ، وَصَدَقَةُ التَّطَوُّعِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ (إلَّا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) ، فَإِنَّ الصَّدَقَةَ كَانَتْ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ مُطْلَقًا، فَرْضَهَا وَنَفْلَهَا، لِأَنَّ اجْتِنَابَهَا كَانَ مِنْ دَلَائِلِ نُبُوَّتِهِ وَعَلَامَاتِهَا، فَلَمْ يَجُزْ الْإِخْلَالُ بِهِ، فَرُوِيَ فِي «حَدِيثِ سَلْمَانَ الَّذِي أَخْبَرَهُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَوَصْفِهِ لَهُ. قَالَ: إنَّهُ يَأْكُلُ الْهَدِيَّةَ، وَلَا يَأْكُلُ الصَّدَقَةَ» ، وَلِأَنَّ آلَ مُحَمَّدٍ لَمَّا مُنِعُوا فَرْضِ الصَّدَقَةِ لِشَرَفِهِمْ عَلَى غَيْرِهِمْ، وَجَبَ أَنْ يُنَزَّهَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ نَفْلِهَا وَفَرْضِهَا، لِشَرَفِهِ عَلَى الْخَلْقِ كُلِّهِمْ، تَمْيِيزًا لَهُ بِذَلِكَ، كَمَا خَصَّ مَعَ خُمُسِ الْخُمُسِ بِالصَّفِيِّ مِنْ الْمَغْنَمِ، وَبِالْإِسْهَامِ لَهُ مَعَ غَيْبَتِهِ مِنْ الْمَغَانِمِ، وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَقْتَرِضَ، وَلَا أَنْ يُهْدَى لَهُ، أَوْ يُنْظَرَ بِدَيْنِهِ، أَوْ يُوضَعَ عَنْهُ، أَوْ يَشْرَبَ مِنْ سِقَايَةٍ مَوْقُوفَةٍ عَلَى الْمَارَّةِ، أَوْ يَأْوِيَ إلَى مَكَانٍ جُعِلَ لِلْمَارَّةِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَعْرُوفِ الَّتِي لَا غَضَاضَةَ فِيهَا، وَالْعَادَةُ جَارِيَةٌ بِهَا فِي حَقِّ الشَّرِيفِ وَالْوَضِيعِ، وَإِنْ كَانَ يُطْلَقُ عَلَيْهَا اسْمُ الصَّدَقَةِ، لِحَدِيثِ: «كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ» . (وَلِمَنْ حَرُمَ عَلَيْهِ زَكَاةٌ) مِنْ هَاشِمِيٍّ وَغَنِيٍّ وَنَحْوِهِمَا (قَبُولُهَا هَدِيَّةً وَتَطَوُّعًا مِمَّنْ أَخَذَهَا مِنْ أَهْلِهَا) ، لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ إلَّا لِخَمْسَةٍ: لِعَامِلٍ، أَوْ رَجُلٍ اشْتَرَاهَا بِمَالِهِ، أَوْ غَازٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ مِسْكِينٍ تُصُدِّقَ عَلَيْهِ مِنْهَا فَأَهْدَى لِغَنِيٍّ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ، «وَلِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَكَلَ مِمَّا تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى أُمِّ عَطِيَّةَ، وَقَالَ: إنَّهَا قَدْ بَلَغَتْ مَحَلَّهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقِسْ الْبَاقِيَ عَلَى ذَلِكَ.

[فَرْعٌ مَنْ دَفَعَ زَكَاةً لِغَيْرِ مُسْتَحَقِّهَا]

(فَرْعٌ: مَنْ) (دَفَعَ زَكَاةً لِغَيْرِ مُسْتَحَقِّهَا) كَهَاشِمِيٍّ، أَوْ قِنٍّ غَيْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>