(وَلَا يُعْتَبَرُ اسْتِيلَادُ) مَرِيضٍ مَرَضًا مَخُوفًا (مِنْ الثُّلُثِ؛ فَإِنَّهُ) - أَيْ: الِاسْتِيلَادُ - (مِنْ قَبِيلِ الِاسْتِهْلَاكِ فِي مُهُورِ الْأَنْكِحَةِ وَطَيِّبَاتِ الْأَطْعِمَةِ وَنَفَائِسِ الثِّيَابِ وَالتَّدَاوِي) وَدَفْعِ الْحَاجَاتِ، وَيُقْبَلُ إقْرَارُ الْمَرِيضِ بِالِاسْتِيلَادِ وَنَحْوِهِ؛ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ إنْشَائِهِ.
(وَ) قَالَ (فِي " الِانْتِصَارِ " لَهُ) - أَيْ: الْمَرِيضِ - (لُبْسُ نَاعِمٍ وَأَكْلُ طَيِّبٍ لِحَاجَتِهِ) إلَيْهِ (وَإِنْ فَعَلَهُ) - أَيْ: مَا ذَكَرَ - (لِتَفْوِيتِ) حَقِّ (الْوَرَثَةِ؛ مُنِعَ) إلَّا بِقَدْرِ حَاجَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَدْرِكُ كَإِتْلَافِهِ.
[تَنْبِيهٌ حُكْمُ الْعَطِيَّةِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ]
(تَنْبِيهٌ) حُكْمُ الْعَطِيَّةِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ حُكْمُ الْوَصِيَّةِ فِي أَشْيَاءَ كَمَا تَقَدَّمَ مِنْهَا أَنَّهُ يَقِفُ نُفُوذُهَا عَلَى خُرُوجِهَا مِنْ الثُّلُثِ أَوْ إجَازَةِ الْوَرَثَةِ وَمِنْهَا أَنَّهَا لَا تَصِحُّ لِوَارِثٍ إلَّا بِإِجَازَةِ الْوَرَثَةِ وَمِنْهَا أَنَّ فَضِيلَتَهَا نَاقِصَةٌ عَنْ فَضِيلَةِ الصَّدَقَةِ فِي الصِّحَّةِ وَمِنْهَا أَنَّهَا تَتَزَاحَمُ فِي الثُّلُثِ إذَا وَقَعَتْ دَفْعَةً وَاحِدَةً كَتَزَاحُمِ الْوَصَايَا. وَمِنْهَا أَنَّ خُرُوجَهَا مِنْ الثُّلُثِ يُعْتَبَرُ حَالَ الْمَوْتِ لَا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ.
وَ (تُفَارِقُ الْعَطِيَّةُ) فِي الْمَرَضِ (الْوَصِيَّةَ فِي أَرْبَعَةِ) أَحْكَامٍ.
أَحَدُهَا: (أَنْ يُبْدَأَ بِالْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ مِنْهَا) - أَيْ: الْعَطَايَا - لِوُقُوعِهَا لَازِمَةً (وَالْوَصِيَّةُ يُسَوَّى بَيْنَ مُتَقَدِّمِهَا وَمُتَأَخِّرِهَا) لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ بَعْدَ الْمَوْتِ، فَوُجِدَتْ دَفْعَةً وَاحِدَةً.
(وَمِنْهَا) - أَيْ: الْوَصِيَّةِ - (كُلُّ مَا) - أَيْ: شَيْءٍ - (عُلِّقَ بِمَوْتٍ كَ) قَوْلِ الْمَرِيضِ: (إذَا مِتُّ فَأَعْطُوا فُلَانًا كَذَا) مِنْ الدَّرَاهِمِ أَوْ غَيْرِهَا (أَوْ أَعْتِقُوا) رَفِيقِي (فُلَانًا) أَوْ أَمَتِي فُلَانَةَ (وَنَحْوَهُ) كَأَوْقِفُوا دَارِي وَنَحْوَهَا أَوْ أَسْكِنُوا فُلَانًا بِهَا سَنَةً.
(الثَّانِي: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ رُجُوعٌ فِي عَطِيَّةٍ قُبِضَتْ) لِأَنَّهَا لَازِمَةٌ فِي حَقِّ الْمُعْطِي وَإِنْ كَثُرَتْ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى الثُّلُثِ إنَّمَا كَانَ لِحَقِّ الْوَرَثَةِ، لَا لِحَقِّهِ، فَلَا يَمْلِكُ إجَازَتَهَا وَلَا رَدَّهَا (بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ) فَإِنَّهُ يَصِحُّ الرُّجُوعُ فِيهَا؛ لِأَنَّ التَّبَرُّعَ بِهَا مَشْرُوطٌ بِالْمَوْتِ، فَقَبْلَ الْمَوْتِ لَمْ يُوجَدْ؛ فَهِيَ كَالْهِبَةِ قَبْلَ الْقَبُولِ، بِخِلَافِ الْعَطِيَّةِ فِي الْمَرَضِ؛ فَإِنَّهُ قَدْ وُجِدَتْ الْعَطِيَّةُ مِنْهُ وَالْقَبُولُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute