لِأَنَّهُ غَيْرُ ظَاعِنٍ عَنْ وَطَنِهِ وَأَهْلِهِ، أَشْبَهَ الْمُقِيمَ، فَلَا يَقْصُرُ وَلَا يُفْطِرُ بِرَمَضَانَ؛ لِأَنَّهُ يَقْضِيهِ فِي السَّفَرِ، فَلَا فَائِدَةَ فِي فِطْرِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَهْلُهُ، جَازَ لَهُ التَّرَخُّصُ عَلَى الْمَذْهَبِ. (وَمِثْلُهُ) ، أَيْ: الْمَلَّاحِ (مُكَارٍ) يَحْمِلُ النَّاسَ وَالْمَتَاعَ عَلَى دَوَابِّهِ بِأُجْرَتِهِ، (وَرَاعٍ) يَرْعَى الْبَهَائِمَ (مَعَهُمَا أَهْلُهُمَا، وَفَيْجٌ: بِالْجِيمِ، وَهُوَ رَسُولُ السُّلْطَانِ وَنَحْوُهُمْ) كَسَاعٍ وَبَرِيدٍ، فَلَا يَتَرَخَّصُونَ إذَا كَانَ مَعَهُمْ أَهْلُهُمْ، وَلَمْ يَنْوُوا الْإِقَامَةَ بِبَلَدٍ نَصًّا.
وَكَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَهْلٌ، فَإِنْ كَانَ لَهُمْ أَهْلٌ وَلَيْسُوا مَعَهُمْ، فَلَهُمْ التَّرَخُّصُ
[فَرْعٌ لَا يُتَرَخَّصُ فِي سَفَرِ مَعْصِيَةٍ وَمَكْرُوهٍ بِقَصْرٍ وَلَا فِطْرٍ]
(فَرْعٌ: لَا يُتَرَخَّصُ فِي سَفَرِ مَعْصِيَةٍ وَمَكْرُوهٍ بِقَصْرٍ وَ) لَا (فِطْرٍ) ، وَتَقَدَّمَ. (وَلَا) يُتَرَخَّصُ بِ (أَكْلِ مَيْتَةٍ) نَصًّا؛ لِأَنَّهَا رُخَصٌ، فَلَا تُنَاطُ بِالْمَعَاصِي (فَإِنْ خَافَ) مُسَافِرٌ سَفَرَ مَعْصِيَةٍ (عَلَى نَفْسِهِ) الْهَلَاكَ إنْ لَمْ يَأْكُلْ مِنْ الْمَيْتَةِ، (قِيلَ لَهُ تُبْ وَكُلْ) ، لِتَمَكُّنِهِ مِنْ التَّوْبَةِ كُلَّ وَقْتٍ، فَلَا يُعْذَرُ بِتَرْكِهَا
، (وَكُلُّ مَنْ جَازَ لَهُ الْقَصْرُ جَازَ لَهُ الْجَمْعُ وَالْفِطْرُ) لِوُجُودِ مُبِيحِهَا، وَهُوَ السَّفَرُ الطَّوِيلُ، (وَلَا عَكْسَ) ، أَيْ لَيْسَ كُلُّ مَنْ أُبِيحَ لَهُ الْفِطْرُ، وَالْجَمْعُ أُبِيحَ لَهُ الْقَصْرُ؛ لِأَنَّ الْمَرِيضَ وَنَحْوَهُ مِمَّنْ يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ وَالْجَمْعُ لَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ فِي إتْمَامِ الصَّلَاةِ، بِخِلَافِ الصَّوْمِ.
وَقَدْ يَنْوِي الْمُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمَيْنِ وَيَقْطَعُهَا مِنْ الْفَجْرِ إلَى الزَّوَالِ مَثَلًا، فَيُفْطِرُ، وَإِنْ لَمْ يَقْصُرْ، إذْ لَيْسَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ صَلَاةٌ يَقْصُرُهَا أَوْ يُتِمُّهَا.
(وَالْأَحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِطَوِيلِ سَفَرٍ مُبَاحٍ) خَمْسَةٌ: (جَمْعٌ وَقَصْرٌ وَمَسْحٌ) عَلَى خُفٍّ وَنَحْوِهِ (ثَلَاثَةَ) أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا، (وَفِطْرٌ) بِرَمَضَانَ، (وَسُقُوطُ جُمُعَةٍ) ، وَأَمَّا أَكْلُ الْمَيْتَةِ وَالصَّلَاةِ عَلَى رَاحِلَتِهِ إلَى جِهَةِ سَيْرِهِ، فَلَا تَخْتَصُّ بِالطَّوِيلِ كَمَا تَقَدَّمَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute