(وَلَا يُزَادُ كُلَّ يَوْمٍ عَلَى أَكْثَرِ التَّعْزِيرِ) ؛ أَيْ: الْعَشْرِ ضَرَبَاتٍ، (فَإِنْ أَصَرَّ) عَلَى الْقَضَاءِ مَعَ مَا سَبَقَ؛ (بَاعَ الْحَاكِمُ مَالَهُ وَقَضَاهُ) . نَقَلَ حَنْبَلٌ: إذَا تَقَاعَدَ بِحُقُوقِ النَّاسِ يُبَاعُ عَلَيْهِ، وَيُقْضَى؛ أَيْ: لِقِيَامِ الْحَاكِمِ مَقَامَ الْمُمْتَنِعِ.
[فَائِدَةٌ حَبْسُ الْمُوسِر الْمُمْتَنِع مِنْ دَفْعِ مَا عَلَيْهِ]
فَائِدَةٌ: قَالَ فِي " الْإِنْصَافِ ": وَالْقَوْلُ بِالْحَبْسِ اخْتَارَهُ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ، وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَلَا تَخْلُصُ الْحُقُوقُ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ إلَّا بِهِ وَبِمَا هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ.
وَقَالَ فِي " الْإِفْصَاحِ ": أَوَّلُ مَنْ حَبَسَ عَلَى الدَّيْنِ شُرَيْحٌ الْقَاضِي، وَمَضَتْ السُّنَّةُ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ أَنَّهُ لَا يُحْبَسُ عَلَى الدُّيُونِ، لَكِنْ يَتَلَازَمُ الْخَصْمَانِ، (وَإِلَّا) يَظْهَرُ لَهُ مَالٌ (فَلَيْسَ لَهُ) ؛ أَيْ: الْحَاكِمِ (إخْرَاجُهُ) ؛ أَيْ: الْمَدِينَ مِنْ الْحَبْسِ (حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَمْرَهُ) ؛ أَيْ: أَنَّهُ مُعْسِرٌ، فَيَجِبُ إطْلَاقُهُ، (أَوْ يُبْرِئُهُ) غَرِيمُهُ، (أَوْ يُوَفِّيهِ) دَيْنَهُ، أَوْ يَرْضَى الْغَرِيمُ بِإِخْرَاجِهِ مِنْ الْحَبْسِ؛ لِأَنَّ حَبْسَهُ حَقٌّ لِرَبِّ الدَّيْنِ، وَقَدْ أَسْقَطَهُ. (وَلَيْسَ عَلَى مَحْبُوسٍ قَبُولُ مَا يَبْذُلُهُ غَرِيمُهُ مِمَّا عَلَيْهِ مِنَّةٌ فِيهِ) ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ مَذَلَّةِ النَّفْسِ أَوْ انْحِطَاطِ رُتْبَتِهَا (وَيَجِبُ تَخْلِيَتُهُ) ؛ أَيْ: الْمَحْبُوسِ (وَإِنْظَارُهُ إنْ بَانَ مُعْسِرًا) ، سَوَاءً رَضِيَ غَرِيمُهُ أَوْ سَخِطَ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: ٢٨٠] ؛ قَالَ فِي " الِاخْتِيَارَاتِ ": لَيْسَ لَهُ إثْبَاتُ إعْسَارِهِ عِنْدَ غَيْرِ مَنْ حَبَسَهُ بِلَا إذْنِهِ، (وَفِي إنْظَارِهِ) ؛ أَيْ: الْمُعْسِرَ (فَضْلٌ عَظِيمٌ) ؛ لِحَدِيثِ بُرَيْدَةَ مَرْفُوعًا «مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلِهِ صَدَقَةٌ قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ الدَّيْنُ، فَإِذَا حَلَّ الدَّيْنُ فَأَنْظَرَهُ فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلَيْهِ صَدَقَةٌ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ، (وَتَحْرُمُ مُطَالَبَتُهُ) ؛ أَيْ: الْمَدِينُ الَّذِي ظَهَرَتْ عُسْرَتُهُ بِمَا عَجَزَ عَنْهُ (وَمُلَازَمَتُهُ وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ) ؛
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute