وَالْمُفْتِي مَا تَلِفَ بِسَبَبِهِمَا، كَمَا لَوْ بَاشَرَاهُ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ أَخْطَأَ فِيمَا لَيْسَ بِقَاطِعٍ مِمَّا يَقْبَلُ الِاجْتِهَادَ لَا ضَمَانَ.
[فَصْلٌ فِي مَنْ غَصَبَهُ إنْسَانٌ مَالًا جَهْرًا أَوْ كَانَ عِنْدَهُ عَيْنُ مَالِهِ]
فَصْلٌ (وَمَنْ غَصَبَهُ إنْسَانٌ مَالًا جَهْرًا أَوْ كَانَ عِنْدَهُ عَيْنُ مَالِهِ) ؛ أَيْ: عَيْنُ مَالِ غَيْرِهِ (فَلَهُ) ؛ أَيْ: الْمَغْصُوبِ مَالُهُ جَهْرًا (أَخْذُ قَدْرِ مَالِهِ الْمَغْصُوبِ) مِنْ مَالِ غَاصِبٍ (جَهْرًا) ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَغَيْرُهُ (وَلَهُ أَخْذُ عَيْنِ مَالِهِ) مِمَّنْ هِيَ عِنْدَهُ (وَلَوْ قَهْرًا) قَالَ فِي " التَّرْغِيبِ " مَا لَمْ يُفْضِ إلَى فِتْنَةٍ (لَا أَخْذُ قَدْرِ دَيْنِهِ) الَّذِي لَهُ بِذِمَّةِ غَيْرِهِ (مِنْ مَالِ مَدِينٍ تَعَذَّرَ أَخْذُ دَيْنِهِ مِنْهُ بِحَاكِمٍ أَوْ بِحُجَّةٍ) ؛ أَيْ: بَيِّنَةٍ (أَوْ غَيْرِهِ) كَسُكَّانِ بَوَادٍ يَتَعَذَّرُ إحْضَارُ الْخُصُومِ مِنْهَا نَصًّا؛ لِحَدِيثِ: «أَدِّ الْأَمَانَةَ إلَى مَنْ ائْتَمَنَك وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَك» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ.
وَأَخْذُهُ مِنْ مَالِهِ قَدْرَ حَقِّهِ بِلَا إذْنِهِ خِيَانَةٌ لَهُ.
وَحَدِيثُ «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ» .
وَلِأَنَّهُ إنْ أَخَذَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ دَيْنِهِ فَهُوَ مُعَاوَضَةٌ بِغَيْرِ تَرَاضٍ، وَإِنْ أَخَذَ مِنْ جِنْسِهِ فَلَيْسَ لَهُ تَعْيِينُ حَقِّهِ بِغَيْرِ رِضَى صَاحِبِهِ.
أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقُولَ لَا آخُذُ حَقِّي إلَّا مِنْ هَذَا الْكِيسِ دُونَ هَذَا، وَلِأَنَّ كُلَّ مَا لَا يَجُوزُ لَهُ تَمَلُّكُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ دَيْنٌ لَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُهُ إذَا كَانَ لَهُ دَيْنٌ، فَإِنْ أَخَذَ شَيْئًا بِغَيْرِ إذْنِ الْمَدِينِ لَزِمَهُ رَدُّهُ إنْ بَقِيَ، وَبَدَلُهُ إنْ تَلِفَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ دَيْنِهِ تَقَاصَّا.
وَعَنْهُ يَجُوزُ لِرَبِّ الدَّيْنِ إذَا تَعَذَّرَ عَلَيْهِ أَخْذُهُ مِنْ الْمَدِينِ بِالْحَاكِمِ لِجَحْدٍ أَوْ غَيْرِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمَدِينُ مُعْسِرًا بِهِ، أَوْ لَمْ يَكُنْ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا؛ الْأَخْذُ، فَيَأْخُذُ قَدْرَ حَقِّهِ مِنْ جِنْسِهِ إنْ وُجِدَ، وَإِلَّا قَوَّمَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute