(وَمَنْ دَفَعَهَا حَالَ سُقُوطِهَا عَلَيْهِ عَنْ نَفْسِهِ) لِئَلَّا تَقَعَ عَلَيْهِ، فَأَتْلَفَ شَيْئًا؛ لَمْ يَضْمَنْ كَدَفْعِ الصَّائِلِ، أَوْ تَدَحْرَجَتْ عَلَى إنْسَانٍ فَدَفَعَهَا عَنْهُ فَأَتْلَفَ شَيْئًا (لَمْ يَضْمَنْ) دَافِعُهَا (مَا تَلِفَ بِهِ بِدَفْعِهِ) ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ بِذَلِكَ.
[بَابُ مَقَادِيرِ دِيَاتِ النَّفْسِ]
ِ الْمَقَادِيرُ: جَمْعُ مِقْدَارٍ، وَهُوَ مَبْلَغُ الشَّيْءِ وَقَدْرُهُ (دِيَةُ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ مِائَةُ بَعِيرٍ أَوْ مِائَتَا بَقَرَةٍ أَوْ أَلْفَا شَاةٍ، أَوْ أَلْفُ مِثْقَالِ ذَهَبٍ أَوْ اثْنَا عَشَرَ أَلْفِ دِرْهَمٍ فِضَّةً) مِنْ دَرَاهِمِ الْإِسْلَامِ الَّتِي كُلُّ عَشَرَةٍ مِنْهَا سَبْعَةُ مَثَاقِيلَ.
قَالَ الْقَاضِي: لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ أَنَّ أُصُولَ الدِّيَةِ الْإِبِلُ وَالْغَنَمُ وَالذَّهَبُ وَالْوَرِقُ، لِمَا رَوَى عَطَاءٌ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الدِّيَةِ عَلَى أَهْلِ الْإِبِلِ مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ، وَعَلَى أَهْلِ الْبَقَرِ مِائَتَيْ بَقَرَةٍ، وَعَلَى أَهْلِ الشَّاءِ أَلْفَيْ شَاةٍ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَجُلًا قُتِلَ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دِيَتَهُ اثْنَيْ عَشْرَةَ أَلْفَ دِرْهَمٍ» .
وَفِي كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وَعَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفُ دِينَارٍ (وَهَذِهِ الْخَمْسَةُ) الْمَذْكُورَةُ (فَقَطْ) ؛ أَيْ: دُونَ الْحُلَلِ؛ فَإِنَّهُ قَدْ قِيلَ إنَّ الْحُلَلَ أَصْلٌ، وَقَدْرُهَا مِائَةُ حُلَّةٍ مِنْ حُلَلِ الْيَمَنِ، كُلُّ حُلَّةٍ بُرْدَانِ: إزَارٌ وَرِدَاءٌ.
وَفِي الْمَذْهَبِ جَدِيدَانِ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهَا لَيْسَتْ أَصْلًا؛ لِأَنَّهَا تَخْتَلِفُ وَلَا تَنْضَبِطُ (أُصُولُهَا) ؛ أَيْ: الدِّيَةِ، لِمَا سَبَقَ (فَإِذَا أَحْضَرَ مَنْ عَلَيْهِ دِيَةٌ أَحَدَهَا) ؛ أَيْ: أَحَدَ هَذِهِ الْخَمْسَةِ (لَزِمَ) وَلِيَّ جِنَايَةٍ (قَبُولُهُ) سَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ النَّوْعِ أَوْ لَمْ يَكُنْ؛ لِإِجْزَاءِ كُلٍّ مِنْهَا فَالْخِيَرَةُ لِمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ كَخِصَالِ الْكَفَّارَةِ.
«وَيَجِبُ مِنْ إبِلٍ فِي عَمْدٍ وَشَبَهِهِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ حِقَّةً، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ جَذَعَةً» رَوَاهُ سَعِيدٌ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَرَوَاهُ الزُّهْرِيُّ عَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ مَرْفُوعًا.
؛ لِأَنَّ الدِّيَةَ حَقٌّ يَتَعَلَّقُ بِجِنْسِ الْحَيَوَانِ؛ فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْحَمْلُ كَالزَّكَاةِ وَالْأُضْحِيَّةَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute