مُقَابَلَةِ عَمَلِ الْعَامِلِ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ، كَأَنَّ شَرِيكَهُ قَالَ: زَارَعْتُكَ عَلَى نِصْفَيْنِ بِثُلُثِهِ؛ فَيَجُوزُ كَالْأَجْنَبِيِّ؛ (كَمُسَاقَاةٍ) ؛ أَيْ: كَمَا يَصِحُّ فِي الْمُسَاقَاةِ، وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهُ.
(وَيَصِحُّ تَوْقِيتُ مُسَاقَاةٍ) ؛ كَوَكَالَةٍ وَشَرِكَةٍ وَمُضَارَبَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ فِي تَقْدِيرِ مُدَّتِهَا، (فَلَا أَثَرَ لَهُ) - أَيْ: التَّوْقِيتِ - (إذْ لَا يُشْتَرَطُ ضَرْبُ مُدَّةٍ يَحْصُلُ الْكَمَالُ) - أَيْ: كَمَالِ الثَّمَرَةِ - (فِيهَا) - أَيْ: الْمُدَّةِ - لَكِنْ لَوْ ضَرَبَ مُدَّةً قَدْ تَكْمُلُ؛ فَيَصِحُّ. قَالَ فِي " الْإِنْصَافِ ": عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ الْمُسَاقَاةَ عَقْدٌ جَائِزٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا إبْقَاؤُهُ وَفَسْخُهُ، فَلَمْ يَحْتَجْ إلَى التَّوْقِيتِ؛ كَالْمُضَارَبَةِ، (وَيَمْلِكُ عَامِلٌ حِصَّتَهُ) مِنْ الثَّمَرَةِ بِمُجَرَّدِ (الظُّهُورِ) ؛ كَالْمَالِكِ وَكَالْمُضَارِبِ. (وَلِكُلٍّ فَسْخُهَا) - أَيْ: الْمُسَاقَاةِ - (مَتَى شَاءَ) ؛ لِأَنَّهَا عَقْدٌ جَائِزٌ كَالْوَكَالَةِ، وَيَصِحُّ تَوْقِيتُ الْمُسَاقَاةِ إلَى جِذَاذٍ وَإِلَى إدْرَاكِ مُدَّةٍ تَحْتَمِلُهُ، لَا إلَى مُدَّةٍ لَا تَحْتَمِلُهُ، لِعَدَمِ حُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهَا إذَنْ.
[فَائِدَةٌ لَوْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ وَفَسَخَ قَبْلَ ظُهُورِ الزَّرْعِ]
(فَائِدَةٌ) : لَوْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ، وَفَسَخَ قَبْلَ ظُهُورِ الزَّرْعِ، أَوْ قَبْلَ الْبَذْرِ وَبَعْدَ الْحَرْثِ، فَقَالَ الْقَاضِي فِي " الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ " قِيَاسُ الْمَذْهَبِ جَوَازُ بَيْعِ الْعِمَارَةِ الَّتِي هِيَ الْإِثَارَةُ، وَيَكُونُ شَرِيكًا فِي الْأَرْضِ بِعِمَارَتِهِ، وَأَفْتَى الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِيمَنْ زَارَعَ رَجُلًا عَلَى مُزَارَعَةِ بُسْتَانِهِ، ثُمَّ أَجَّرَهَا هَلْ تَبْطُلُ الْمُزَارَعَةُ؟ فَقَالَ: إنْ زَارَعَهُ مُزَارَعَةً لَازِمَةً؛ لَمْ تَبْطُلْ بِالْإِجَارَةِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَازِمَةً أُعْطِيَ الْفَلَاحُ أُجْرَةَ عَمَلِهِ؛ أَيْ: وَبَطَلَتْ مُزَارَعَتُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهَا عَقْدٌ جَائِزٌ، لَا لَازِمٌ، وَأَفْتَى أَيْضًا فِي رَجُلٍ زَرَعَ أَرْضًا، وَكَانَتْ بُورًا، وَحَرَثَهَا فَهَلْ لَهُ إذَا خَرَجَ مِنْهَا فِلَاحَةٌ؟ أَنَّهُ إنْ كَانَ لَهُ فِي الْأَرْضِ فِلَاحَةٌ لَمْ يَنْتَفِعَ بِهَا، فَلَهُ قِيمَتُهَا عَلَى مَنْ انْتَفَعَ بِهَا، فَإِنْ الْمَالِكُ انْتَفَعَ بِهَا أَخَذَ عِوَضًا عَنْهَا مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ؛ فَضَمَانُهَا عَلَيْهِ، وَإِنْ أَخَذَ الْأُجْرَةَ عَنْ الْأَرْضِ وَحْدَهَا؛ فَضَمَانُ الْفِلَاحَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute