[فَصْلٌ حُكْمُ الْحَاكِمِ لَا يُزِيلُ الشَّيْءَ]
فَصْلٌ (وَحُكْمُ الْحَاكِمِ لَا يُزِيلُ الشَّيْءَ) ؛ أَيْ: يُحِيلُهُ (عَنْ صِفَتِهِ بَاطِنًا) وَلَوْ عَقْدًا أَوْ فَسْخًا؛ لِحَدِيثِ: «إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ فَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ مِنْهُ، فَمَنْ قَضَيْت لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ فَلَا يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا؛ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ النَّارِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وَيَتَّجِهُ هَذَا) ؛ أَيْ: كَوْنُ حُكْمِ الْحَاكِمِ لَا يُزِيلُ الشَّيْءَ عَنْ صِفَتِهِ بَاطِنًا (فِيمَا) ؛ أَيْ: فِي الْحُكْمِ الَّذِي (يُنْقَضُ) وَهُوَ الْحُكْمُ الْمُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْفَتْوَى كَمَا يَأْتِي، وَكَذَا لَوْ بَانَ بَعْدَ الْحُكْمِ كُفْرُ الشُّهُودِ أَوْ فِسْقُهُمْ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(فَمَتَى كَانَتْ الْبَيِّنَةُ كَاذِبَةً) وَحَكَمَ بِهَا مَعَ عِلْمِهِ بِكَذِبِهَا (لَمْ يَنْفُذْ حُكْمُهُ حَتَّى وَلَوْ فِي عَقْدٍ وَفَسْخٍ) وَطَلَاقٍ، خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ (فَمَنْ حَكَمَ لَهُ) حَاكِمٌ (بِبَيِّنَةٍ زُورٍ بِزَوْجِيَّةِ امْرَأَةٍ) فَلَا تَحِلُّ لَهُ بَاطِنًا، وَيَلْزَمُهَا حُكْمُهُ فِي الظَّاهِرِ، لِعَدَمِ مَا يَدْفَعُهُ (فَإِنْ وَطِئَ مَعَ الْعِلْمِ) بِالْحَالِ (فَزِنًا يَحُدُّ مَعَ أَنَّهُ حُكْمٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ) وَمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ رَجُلًا ادَّعَى عَلَى امْرَأَةٍ نِكَاحًا، فَرُفِعَا إلَى عَلِيٍّ فَشَهِدَ شَاهِدَانِ بِذَلِكَ، فَقَضَى بَيْنَهُمَا بِالزَّوْجِيَّةِ، فَقَالَتْ: وَاَللَّهِ مَا تَزَوَّجَنِي اعْقِدْ بَيْنَنَا عَقْدًا حَتَّى أَحِلَّ لَهُ، فَقَالَ شَاهِدَاك زَوَّجَاك.
فَبِتَقْدِيرِ صِحَّتِهِ لَا حُجَّةَ فِيهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute