للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيَّ بِغَيْرِ الْحَقِّ، أَوْ ارْتَشَيْتَ وَنَحْوَهُ) كَ ظَلَمْتَنِي بِضَرْبٍ لَا يَزِيدُ عَلَى عَشَرَةٍ وَحَبْسٍ، وَأَنْ يَعْفُوَ عَنْهُ (وَلَوْ لَمْ يُثْبِتْ) افْتِيَاتُهُ عَلَيْهِ (بِبَيِّنَةٍ) لِأَنَّ فِي تَوَقُّفِهِ عَلَى الْإِثْبَاتِ حَرَجًا، وَرُبَّمَا يَكُونُ ذَرِيعَةً لِلِافْتِيَاتِ (وَلَهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُ) لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى (وَلَهُ أَنْ يَنْتَهِرَهُ إذَا الْتَوَى) عَنْ الْحَقِّ لِئَلَّا يَطْمَعَ فِيهِ.

[فَصْلٌ يُسَنُّ لِلْقَاضِي أَنْ يُحْضِرَ مَجْلِسَهُ فُقَهَاءَ الْمَذَاهِبِ وَمُشَاوَرَتُهُمْ]

فَصْلٌ (وَيُسَنُّ لِقَاضٍ أَنْ يُحْضِرَ مَجْلِسَهُ فُقَهَاءَ الْمَذَاهِبِ وَمُشَاوَرَتُهُمْ فِيمَا يُشْكِلُ) إنْ أَمْكَنَ، وَسُؤَالُهُمْ إذَا حَدَثَتْ حَادِثَةٌ لِيَذْكُرُوا جَوَابَهُمْ وَأَدِلَّتَهُمْ فِيهَا؛ فَإِنَّهُ أَسْرَعُ لِاجْتِهَادِهِ وَأَقْرَبُ لِصَوَابِهِ، قَالَ تَعَالَى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} [آل عمران: ١٥٩] قَالَ الْحَسَنُ إنْ كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَغَنِيٌّ عَنْ مُشَاوَرَتِهِمْ، وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنْ يَسْتَنَّ ذَلِكَ الْحَاكِمُ بَعْدَهُ.

(قَالَ) الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمَّا وُلِّيَ سَعْدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ قَضَاءَ الْمَدِينَةِ كَانَ يَجْلِسُ بَيْنَ الْقَاسِمِ وَسَالِمٍ يُشَاوِرُهُمَا، وَوُلِّيَ مُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ قَضَاءَ الْكُوفَةِ، فَكَانَ يَجْلِسُ بَيْنَ الْحَكَمِ وَحَمَّادٍ يُشَاوِرُهُمَا (مَا أَحْسَنَهُ لَوْ فَعَلَهُ الْحُكَّامُ يُشَاوِرُونَ وَيَنْظُرُونَ) ، فَإِنْ اتَّضَحَ لَهُ الْحُكْمُ حَكَمَ بِاجْتِهَادِهِ فَوْرًا وَلَا: اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ (وَإِلَّا) يَتَّضِحُ لَهُ الْحُكْمُ أَخَّرَهُ حَتَّى يَتَّضِحَ لَهُ الْحَقُّ؛ فَيَحْكُمَ بِهِ.

(وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ) إنْ كَانَ مُجْتَهِدًا (تَقْلِيدُ غَيْرِهِ وَلَوْ أَعْلَمَ مِنْهُ) لِأَنَّ الْمُجْتَهِدَ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّقْلِيدُ. نَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ: عَلَيْهِ أَنْ يَجْتَهِدَ. قَالَ عُمَرُ: وَاَللَّهِ مَا يَدْرِي عُمَرُ أَصَابَ الْحَقَّ أَمْ أَخْطَأَ، وَلَوْ كَانَ حَكَمَ بِحُكْمٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَقُلْ هَذَا.

(قَالَ) الْإِمَامُ أَحْمَدُ (لَا تُقَلِّدْ أُمُورَك أَحَدًا غَيْرَكَ وَعَلَيْكَ بِالْأَثَرِ) وَقَالَ لِلْفَضْلِ بْنِ زِيَادٍ: لَا تُقَلِّدْ دِينَكَ الرِّجَالَ؛ فَإِنَّهُمْ لَنْ يَسْلَمُوا أَنْ يَغْلَطُوا (فَإِنْ حَكَمَ بِاجْتِهَادِهِ لَمْ يُعْتَرَضْ عَلَيْهِ) لِأَنَّ فِي ذَلِكَ افْتِيَاتًا عَلَيْهِ (إلَّا إنْ خَالَفَ نَصًّا) مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>