كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ آحَادًا (أَوْ إجْمَاعًا) لِوُجُوبِ إنْكَارِهِ وَنَقْضِ حُكْمِهِ بِهِ.
(وَلَوْ حَكَمَ وَلَمْ يَجْتَهِدْ؛ لَمْ يَصِحَّ حُكْمُهُ، وَلَوْ أَصَابَ الْحَقَّ) إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ.
(وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَهُوَ غَضْبَانُ كَثِيرًا) لِخَبَرِ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يَقْضِيَنَّ حَاكِمٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا حَمَلَهُ الْغَضَبُ عَلَى الْجَوْرِ فِي الْحُكْمِ، بِخِلَافِ غَضَبٍ يَسِيرٍ لَا يَمْنَعُ فَهْمَ الْحُكْمِ هُوَ (أَوْ حَاقِنٌ) أَوْ حَاقِبٌ (أَوْ فِي شِدَّةِ جُوعٍ أَوْ عَطَشٍ أَوْ هَمٍّ أَوْ مَلَلٍ أَوْ كَسَلٍ أَوْ نُعَاسٍ أَوْ بَرْدٍ مُؤْلِمٍ أَوْ حَرٍّ مُزْعِجٍ) أَوْ تَوَقَانِ جِمَاعٍ أَوْ شِدَّةِ (مَرَضٍ أَوْ خَوْفٍ أَوْ فَزَعٍ) غَالِبٍ أَوْ حُزْنٍ، قِيَاسًا عَلَى الْغَضَبِ؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ حُضُورَ الْقَلْبِ وَاسْتِيفَاءَ الْفِكْرِ الَّذِي يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى إصَابَةِ الْحَقِّ فِي الْغَالِبِ؛ فَهُوَ فِي مَعْنَى الْغَضَبِ (فَإِنْ خَالَفَ الْقَاضِي، وَحَكَمَ) فِي حَالٍّ مِنْ تِلْكَ الْأَحْوَالِ فَأَصَابَ الْحَقَّ نَفَذَ حُكْمُهُ؛ وَإِلَّا لَمْ يَنْفُذْ.
(وَكَانَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْقَضَاءُ مَعَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ غَلَطٌ يُقِرُّ عَلَيْهِ لَا قَوْلًا وَلَا فِعْلًا فِي حُكْمٍ) وَتَقَدَّمَ فِي الْخَصَائِصِ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ الْأُمَّةِ، وَقَوْلُهُ: " فِي حُكْمٍ " احْتِرَازٌ عَمَّا وَقَعَ «لَمَّا مَرَّ بِقَوْمٍ يُلَقِّحُونَ، فَقَالَ: لَوْ لَمْ تَفْعَلُوا لَصَلُحَ حَالُهُ، فَخَرَجَ شِيصًا، فَمَرَّ بِهِمْ فَقَالَ: مَا لِنَخْلِكُمْ؟ قَالُوا قُلْتَ كَذَا وَكَذَا قَالَ: أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأَمْرِ دُنْيَاكُمْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ.
(وَيَحْرُمُ) عَلَى الْحَاكِمِ (قَبُولُهُ رِشْوَةً) بِتَثْلِيثِ الرَّاءِ؛ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ» . قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَرَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ فِي " زَادِ الْمُسَافِرِ " وَزَادَ: " وَالرَّائِشَ " وَهُوَ السَّفِيرُ بَيْنَهُمَا، وَالرِّشْوَةُ: مَا يُعْطَى بَعْدَ طَلَبِهِ لَهَا، وَيَحْرُمُ (بَذْلُهَا) مِنْ الرَّاشِي لِيَحْكُمَ لَهُ بِبَاطِلٍ، أَوْ يَدْفَعَ عَنْهُ حَقَّهُ إلَّا أَنْ يَبْذُلَهَا (لِدَفْعِ ظُلْمِهِ) وَإِبْرَائِهِ عَلَى وَاجِبِهِ؛
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute