تَعَيَّنَ كَمَا هُوَ دَلِيلُ ضِيَعِ " الْفُصُولِ "، (فَإِنْ أَصَرَّ) عَلَى امْتِنَاعٍ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا؛ (بَاعَهُ) ؛ أَيْ: الرَّهْنَ (الْحَاكِمُ) ، نَصًّا؛ لِتَعَيُّنِهِ طَرِيقًا لِأَدَاءِ الْوَاجِبِ، (وَوَفَّى الدَّيْنَ) ؛ لِقِيَامِهِ مَقَامَ الْمُمْتَنِعِ. (وَحُكْمُ) رَاهِنٍ (غَائِبٍ) مَسَافَةَ قَصْرٍ فَأَكْثَرَ؛ كَحُكْمِ (مُمْتَنِعٍ) ، فَيَبِيعُ الْحَاكِمُ رَهْنَهُ، وَلَا يَبِيعُهُ مُرْتَهِنٌ إلَّا بِإِذْنِ رَبِّهِ أَوْ الْحَاكِمِ.
(قَالَ الشَّيْخُ) تَقِيُّ الدِّينِ: (فَلَوْ لَمْ يُمْكِنْ بَيْعُ رَهْنٍ إلَّا بِخُرُوجِ رَبِّهِ) وَهُوَ الْمَدْيُونُ (مِنْ الْحَبْسِ) ؛ وَجَبَ إخْرَاجُهُ، (أَوْ كَانَ فِي بَيْعِهِ ضَرَرٌ عَلَيْهِ) إذَا كَانَ (مَحْبُوسًا؛ وَجَبَ إخْرَاجُهُ) مِنْ الْحَبْسِ لِيَبِيعَهُ، وَيُوَفِّيَ مَا عَلَيْهِ، وَوُكِّلَ بِهِ مَا يَكُونُ مَعَهُ إنْ خِيفَ هَرَبُهُ؛ دَفْعًا لِلضَّرَرِ.
[فَرْعٌ شَرْط الرَّاهِن عَلَى نَفْسِهِ إنْ لَمْ يَأْتِ لِلْمُرْتَهِنِ بِحَقِّهِ فَالرَّهْنُ لَهُ]
(فَرْعٌ: لَوْ شَرَطَ) رَاهِنٌ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ (إنْ جَاءَ لِمُرْتَهِنٍ بِحَقِّهِ فِي مَحِلِّهِ الْمَبِيعِ، وَإِلَّا فَالرَّهْنُ لَهُ بِالدَّيْنِ، أَوْ) فَالرَّهْنُ (مَبِيعٌ لَهُ بِهِ) ؛ أَيْ: بِالدَّيْنِ؛ (صَحَّ رَهْنٌ، لَا شَرْطٌ) ؛ لِلْخَبَرِ، وَتَقَدَّمَ. قَالَ أَحْمَدُ: لَا يَدْفَعُ رَهْنًا لِرَجُلٍ وَيَقُولُ: إنْ جِئْتُكَ بِالدَّرَاهِمِ إلَى كَذَا، وَإِلَّا فَالرَّهْنُ لَكَ. وَوَجْهُ الدَّلِيلِ مِنْهُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَفَى غَلْقَ الرَّهْنِ دُونَ أَصْلِهِ، فَدَلَّ عَلَى صِحَّتِهِ، (لَكِنْ يَصِيرُ) الرَّهْنُ (مَضْمُونًا) عَلَى الْمُرْتَهِنِ (بَعْدَ الْحُلُولِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فَاسِدٌ؛ كَمُؤَقَّتٍ فَرَغَتْ مُدَّتُهُ) ، فَلَا أَقَلَّ مِنْ أَنْ يَصِيرَ؛ كَالْعَارِيَّةِ، وَهِيَ مَضْمُونَةٌ. وَيَأْتِي: إذَا شَرَطَ فِي الرَّهْنِ مَا لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ.
[فَصْلٌ جَعْلُ الرَّهْن بِاتِّفَاقِ الْمُتَرَاهِنَيْنِ بِيَدِ ثَالِثٍ جَائِزِ التَّصَرُّفِ]
(فَصْلٌ: وَيَصِحُّ جَعْلُ رَهْنٍ بِاتِّفَاقِهِمَا) ؛ أَيْ الْمُتَرَاهِنَيْنِ (بِيَدِ ثَالِثٍ جَائِزِ التَّصَرُّفِ) ؛ أَيْ: حُرٍّ بَالِغٍ رَشِيدٍ، (وَلَوْ كَافِرًا أَوْ فَاسِقًا) ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى.
قَالَ فِي الشَّرْحِ: يَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَا الرَّهْنَ عَلَى يَدَيْ مَنْ يَجُوزُ تَوْكِيلُهُ، وَهُوَ الْجَائِزُ التَّصَرُّفِ مُطْلَقًا. وَقَالَ ابْنُ مُنَجَّى: وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى شَخْصٍ يَصِفَانِهِ عِنْدَهُ جَازَ. وَتَبِعَهُمَا فِي " الْإِقْنَاعِ " وَلَمْ يَعْتَبِرُوا الْعَدَالَةَ، بَلْ صَرَّحَ الشَّارِحُ بِخِلَافِهَا حَيْثُ قَالَ: جَائِزُ التَّصَرُّفِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ فِي قَبْضٍ فِي عَقْدٍ؛ فَجَازَ؛ كَغَيْرِهِ، فَإِذَا قَبَضَهُ قَامَ مَقَامَ قَبْضِ مُرْتَهِنٍ، بِخِلَافِ صَبِيٍّ؛ فَإِنَّ قَبْضَهُ وَعَدَمَهُ سَوَاءٌ (خِلَافًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute