للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[كِتَابُ الْوَصِيَّةِ]

(كِتَابُ الْوَصِيَّةِ) يُقَالُ: وَصَّى تَوْصِيَةً وَأَوْصَى إيصَاءً وَالِاسْمُ الْوَصِيَّةُ وَالْوَصَاةُ وَالْوِصَايَةُ - بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا - وَالْوَصَايَا جَمْعُ وَصِيَّةٍ كَقَضَايَا جَمْعُ قَضِيَّةٍ. وَأَصْلُهُ وَصَائِيٌّ - بِهَمْزَةٍ مَكْسُورَةٍ - بَعْدَ الْمَدِّ تَلِيهَا يَاءٌ مُتَحَرِّكَةٌ هِيَ لَامُ الْكَلِمَةِ فُتِحَتْ هَذِهِ الْهَمْزَةُ الْعَارِضَةُ فِي الْجَمْعِ، وَقُلِبَتْ الْيَاءُ أَلِفًا لِتَحَرُّكِهَا وَانْفِتَاحِ مَا قَبْلَهَا، فَصَارَ: وَصَاآ فَكَرِهُوا اجْتِمَاعَ أَلِفَيْنِ بَيْنَهُمَا هَمْزَةٌ فَقَلَبُوهَا يَاءً فَصَارَ وَصَايَا. قَالَ فِي " الْمُبْدِعِ ": وَلَوْ قِيلَ: إنَّ جَمْعَهُ فَعَالَى، وَإِنَّ جَمْعَ الْمُعْتَلِّ خِلَافُ جَمْعِ الصَّحِيحِ لَكَانَ حَسَنًا انْتَهَى.

وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ وَصَيْتُ الشَّيْءَ أَصِيهِ إذَا وَصَلْتُهُ، فَإِنَّ الْمَيِّتَ وَصَلَ مَا كَانَ فِيهِ مِنْ أَمْرِ حَيَاتِهِ بِمَا بَعْدَهُ مِنْ أَمْرِ مَمَاتِهِ. وَالْوَصِيَّةُ لُغَةً: الْأَمْرُ. قَالَ تَعَالَى: {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ} [البقرة: ١٣٢] وَقَالَ: {ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ} [الأنعام: ١٥١] : وَمِنْهُ قَوْلُ الْخَطِيبِ: أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ. وَشَرْعًا: (الْأَمْرُ بِالتَّصَرُّفِ بَعْدَ الْمَوْتِ) كَأَنْ يُوصِيَ إلَى إنْسَانٍ بِتَزْوِيجِ بَنَاتِهِ أَوْ غَسْلِهِ أَوْ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ إمَامًا أَوْ الْكَلَامِ عَلَى صِغَارِ أَوْلَادِهِ أَوْ تَفْرِقَةِ ثُلُثِهِ وَنَحْوَهُ، وَالْأَصْلُ فِيهَا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ.

أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ} [البقرة: ١٨٠] .

وَأَمَّا السُّنَّةُ: فَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>