[فَصْلٌ مايشُترِطَ فِي عَقْدِ الْمُزَارَعَة]
(فَصْلٌ: وَشُرِطَ فِي) عَقْدِ (مُزَارَعَةٍ عِلْمُ جِنْسِ بَذْرٍ) كَشَجَرَةِ مُسَاقَاةٍ بِرُؤْيَةٍ أَوْ صِفَةٍ لَا يُخْتَلَفُ مَعَهَا، (وَ) عِلْمُ (قَدْرِهِ) - أَيْ الْبَذْرِ - لِأَنَّهَا عَقْدٌ عَلَى عَمَلٍ، فَلَمْ تَجُزْ عَلَى غَيْرِ مُقَدَّرٍ كَالْإِجَارَةِ، (وَكَوْنِهِ) - أَيْ الْبَذْرِ - (مِنْ رَبِّ أَرْضٍ) نَصًّا، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ يَشْتَرِكُ الْعَامِلُ وَرَبُّ الْمَالِ فِي نَمَائِهِ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ كُلُّهُ مِنْ عِنْدِ أَحَدِهِمَا كَالْمُسَاقَاةِ وَالْمُضَارَبَةِ. قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ: لَكِنْ يَلْزَمُ هَذَا أَنْ يَسْتَوْفِيَ رَبُّ الْأَرْضِ بَذْرَهُ، ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ مَا بَقِيَ؛ كَمَا فِي الْمُضَارَبَةِ. انْتَهَى. قَالَ الْفَتُوحِيُّ: قُلْتُ لَا يَلْزَمُ مِنْ قِيَاسِهَا عَلَى الْمُضَارَبَةِ أَنْ تَكُونَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، بَلْ إذَا اشْتَرَطَا ذَلِكَ فَسَدَتْ الْمُزَارَعَةُ، أَوْ يُقَالُ: إنَّ الْبَذْرَ فِي حُكْمِ الْمَالِكِ؛ كَمَا لَوْ أَعْطَى إنْسَانٌ إنْسَانًا بَهِيمَةً لِيَعْمَلَ عَلَيْهَا بِجُزْءٍ مُعَيَّنٍ مِنْ نَمَائِهَا، فَمَاتَتْ بِيَدِ الْعَامِلِ فِي الْعَمَلِ، فَإِنَّهَا تَكُونُ مِنْ مَالِ صَاحِبِهَا، وَيَقْتَسِمَانِ مَا تَحَصَّلَ كَمَا شُرِطَ. فَلَوْ شُرِطَ أَنَّهَا إذَا مَاتَتْ يَسْتَوْفِي قِيمَتَهَا مِنْ الْمُتَحَصِّلِ، وَيَقْتَسِمَانِ مَا بَقِيَ؛ لَمْ يَصِحَّ كَمَا فِي الْمُزَارَعَةِ. انْتَهَى.
(وَلَوْ) كَانَ (عَامِلًا) عَلَى زَرْعٍ، (وَبَقَرُ الْعَمَلِ مِنْ الْآخَرِ) ؛ فَيَصِحُّ ذَلِكَ كَمَا لَوْ كَانَ الْعَمَلُ مِنْ صَاحِبِ الْبَقَرِ، وَالْأَرْضُ وَالْبَذْرُ مِنْ الْآخَرِ، وَرَبُّ الْأَرْضِ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ هُنَا إلَّا بَعْضُ الْعَمَلِ كَمَا لَوْ تَبَرَّعَ بِهِ.
(وَلَا يَصِحُّ كَوْنُ بَذْرٍ مِنْ عَامِلٍ غَيْرِ رَبِّ أَرْضٍ) ، أَمَّا كَوْنُ الْبَذْرِ مِنْهُ فَيَصِحُّ (أَوْ) كَوْنُ بَذْرٍ (مِنْهُمَا) مَعًا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute