يَأْمُرَ بِهِ، وَلَا يُنْكِرَ عَلَى مَنْ تَرَكَهُ، وَلَا (يُعَلِّقَ اسْتِحْقَاقَ رِزْقٍ بِهِ) ؛ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى بِدْعَةٍ، (وَلَا) يَلْزَمُ أَنْ (يَفْعَلَ وَلَوْ شَرَطَهُ وَاقِفٌ) لِمُخَالِفَتِهِ السُّنَّةَ (بَلْ قَالَ) عَبْدُ الرَّحْمَنِ (ابْنُ الْجَوْزِيِّ) فِي كِتَابِ تَلْبِيسِ إبْلِيسَ ": قَدْ رَأَيْتُ مَنْ يَقُومُ بِلَيْلٍ كَثِيرًا عَلَى الْمَنَارَةِ فَيَعِظُ وَيَذْكُرُ وَيَقْرَأُ سُورَةً مِنْ الْقُرْآنِ بِصَوْتٍ مُرْتَفِعٍ، و (كُلُّ ذَلِكَ مِنْ الْمُنْكَرَاتِ) ، لِأَنَّهُ (يَمْنَعُ النَّاسَ نَوْمَهُمْ، وَيَخْبِطُ عَلَى الْمُتَهَجِّدِينَ قِرَاءَتَهُمْ) .
انْتَهَى.
[بَابُ شُرُوطِ الصَّلَاةِ]
(بَابُ شُرُوطِ الصَّلَاةِ) (مَا) أَيْ: أَشْيَاءُ (تَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا) - أَيْ الْأَشْيَاءُ - (صِحَّتُهَا) - أَيْ: الصَّلَاةِ - وَكَذَا سَائِرُ الْعِبَادَاتِ وَالْعُقُودِ، فَإِنَّ صِحَّتَهَا تَتَوَقَّفُ عَلَى شُرُوطِهَا، وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي الْعِبَادَاتِ: (إنْ لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ) يَعْجِزُ بِهِ عَنْ تَحْصِيلِ الشَّرْطِ، فَإِنْ كَانَ عُذْرٌ سَقَطَ إلَّا النِّيَّةَ وَالْإِسْلَامَ وَالْعَقْلَ وَالتَّمْيِيزَ، وَدُخُولَ الْوَقْتِ، فَإِنَّهَا لَا تَسْقُطُ بِحَالٍ. وَالشُّرُوطُ: جَمْعُ شَرْطٍ كَفُلُوسِ جَمْعُ فَلْسٍ، وَالشَّرَائِطُ: جَمْعُ شَرِيطَةٍ، كَفَرَائِضَ جَمْعُ فَرِيضَةٍ وَالْأَشْرَاطُ: جَمْعُ شَرْطٍ كَالْأَقْمَارِ جَمْعُ قَمَرٍ وَهُوَ لُغَةً: الْعَلَامَةُ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا} [محمد: ١٨]
أَيْ: عَلَامَاتُهَا، وَعُرْفًا: مَا لَا يُوجَدُ الْمَشْرُوطُ مَعَ عَدَمِهِ، وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يُوجَدَ عِنْدَ وُجُودِهِ، وَهُوَ عَقْلِيٌّ كَالْحَيَاةِ لِلْعِلْمِ، وَلُغَوِيٌّ كَ: إنْ دَخَلْتُ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَشَرْعِيٌّ كَالطَّهَارَةِ لِلصَّلَاةِ.
(وَيَسْتَمِرُّ حُكْمُهَا إلَى انْقِضَائِهَا) - أَيْ: الصَّلَاةِ - وَبِهَذَا الْمَعْنَى فَارَقَتْ الْأَرْكَانَ، (وَلَيْسَتْ) شُرُوطُ الصَّلَاةِ (مِنْهَا) - أَيْ: الصَّلَاةِ - بِخِلَافِ أَرْكَانِهَا (بَلْ تَجِبُ) شُرُوطُ الصَّلَاةِ (لَهَا قَبْلَهَا) فَتَسْبِقُهَا، وَتَسْتَمِرُّ فِيهَا وُجُوبًا إلَى انْقِضَائِهَا.
قَالَ الْمُنَقَّحُ: (إلَّا النِّيَّةَ) فَتَكْفِي مُقَارَنَتُهَا لِلتَّحْرِيمَةِ، وَهُوَ الْأَفْضَلُ (وَلَا تَسْقُطُ) الشُّرُوطُ (عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute