للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تَتِمَّةٌ الْوُضُوءُ هَلْ هُوَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ]

تَتِمَّةٌ: اُخْتُلِفَ فِي الْوُضُوءِ: هَلْ هُوَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ " فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إلَى أَنَّهُ مِنْ خَصَائِصِهَا مُسْتَدِلِّينَ بِمَا فِي " صَحِيحِ مُسْلِمٍ " عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «لَكُمْ سِيمَا لَيْسَتْ لِأَحَدِ مِنْ الْأُمَمِ، تَرِدُونَ عَلَيَّ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ أَثَرِ الْوُضُوءِ» وَذَهَبَ آخَرُونَ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ مُخْتَصًّا بِهَا، وَإِنَّمَا الْمَخْصُوصُ بِهَا الْغُرَّةُ وَالتَّحْجِيلُ فَقَطْ وَاحْتَجُّوا بِالْحَدِيثِ الْآخَرِ «هَذَا وُضُوئِي وَوُضُوءُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي» وَأَجَابَ الْأَوَّلُونَ بِضَعْفِهِ وَبِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ خَاصًّا بِالْأَنْبِيَاءِ دُونَ أُمَمِهِمْ، لَا بِهَذِهِ الْأُمَّةِ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ وَرَدَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَوَضَّئُونَ فَفِي قِصَّةِ جُرَيْجٍ الرَّاهِبِ: " لَمَّا رَمَوْهُ بِالْمَرْأَةِ تَوَضَّأَ وَصَلَّى، ثُمَّ قَالَ لِلْغُلَامِ: مَنْ أَبُوكَ؟ قَالَ: هَذَا الرَّاعِي " وَقَدْ خَرَّجَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ " مِنْ حَدِيثِ إبْرَاهِيمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا مَرَّ عَلَى الْجَبَّارِ وَمَعَهُ سَارَةُ، أَنَّهَا لَمَّا دَخَلَتْ عَلَى الْجَبَّارِ تَوَضَّأَتْ وَصَلَّتْ وَدَعَتْ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ.

[بَابٌ مَسْحُ الْخُفَّيْنِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا كَالْجُرْمُوقَيْنِ وَالْجَوْرَبَيْنِ]

(بَابٌ) (مَسْحُ الْخُفَّيْنِ) (وَمَا فِي مَعْنَاهَا) كَالْجُرْمُوقَيْنِ وَالْجَوْرَبَيْنِ، وَكَذَا عِمَامَةٌ وَخِمَارٌ (فِي وُضُوءٍ لَا فِي غُسْلٍ وَلَوْ) كَانَ الْغُسْلُ (مَنْدُوبًا رُخْصَةٌ) ، وَهِيَ لُغَةً: السُّهُولَةُ، وَشَرْعًا: مَا ثَبَتَ عَلَى خِلَافِ دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ، لِمُعَارِضٍ رَاجِحٍ، وَالْمُعَارِضُ الرَّاجِحُ هُوَ: فِعْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِعْلُ أَصْحَابِهِ مِنْ بَعْدِهِ. وَضِدُّهَا الْعَزِيمَةُ، وَهِيَ لُغَةً الْقَصْدُ الْمُؤَكَّدُ، وَشَرْعًا: مَا ثَبَتَ بِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ خَالٍ عَنْ مُعَارِضٍ رَاجِحٍ، وَالرُّخْصَةُ وَالْعَزِيمَةُ وَصْفَانِ لِلْحُكْمِ الْوَضْعِيِّ. وَالْمَسْحُ (أَفْضَلُ مِنْ غَسْلٍ) لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابَهُ إنَّمَا طَلَبُوا الْأَفْضَلَ. وَعَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ يُؤْخَذَ

<<  <  ج: ص:  >  >>