مِنْ الْقَائِلِ عَمَلٌ يَسْتَحِقُّ بِهِ شَيْئًا، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ الرَّامِي لِأَجْنَبِيٍّ: إنْ أَخْطَأَتْ فَلَكَ دِرْهَمٌ؛ لَمْ يَجُزْ لِذَلِكَ.
(أَوْ) قَالَ: ارْمِ عَشَرَةً، فَإِنْ كَانَ صَوَابُك أَكْثَرَ (فَلَكَ بِكُلِّ سَهْمٍ أَصَبْتَ بِهِ دِرْهَمٌ) ؛ صَحَّ، وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ: ارْمِ عَشَرَةً فَلَكَ بِكُلِّ سَهْمٍ أَصَبْتَ بِهِ مِنْهَا دِرْهَمٌ، أَوْ قَالَ فَلَكَ بِكُلِّ سَهْمٍ زَائِدًا عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْمُصِيبَاتِ دِرْهَمٌ؛ صَحَّ؛ لِأَنَّ الْجُعْلَ مَعْلُومٌ بِتَقْدِيرِهِ بِالْإِصَابَةِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ: اسْتَقِ لِي مِنْ هَذَا الْبِئْرِ، وَلَك بِكُلِّ دَلْوٍ تَمْرَةٌ، أَوْ قَالَ: مَنْ رَدَّ عَبْدًا مِنْ عَبِيدِي فَلَهُ بِكُلِّ عَبْدٍ دِرْهَمٌ.
(أَوْ قَالَ: ارْمِ هَذَا السَّهْمَ فَإِنْ أَصَبْتَ بِهِ فَلَكَ دِرْهَمٌ؛ صَحَّ؛ وَلَزِمَهُ؛ لِأَنَّهُ جَعَالَةٌ) ؛ لِأَنَّهُ بَذَلَ مَالًا فِي فِعْلٍ لَهُ فِيهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ، وَلَمْ يَكُنْ نِضَالًا؛ لِأَنَّ النِّضَالَ يَكُونُ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَوْ جَمَاعَةٍ عَلَى أَنْ يَرْمُوا جَمِيعًا، وَيَكُونَ الْجُعْلُ لِبَعْضِهِمْ إذَا كَانَ سَابِقًا
[كِتَابُ الْعَارِيَّةِ]
ِ: بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ وَتَشْدِيدِهَا مُشْتَقَّةٌ مِنْ عَارَ إذَا ذَهَبَ وَجَاءَ، وَمِنْهُ قِيلَ: لِلْبَطَّالِ عَيَّارٌ؛ لِتَرَدُّدِهِ فِي بَطَالَتِهِ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: أَعَارَهُ وَعَارَهُ كَ أَطَاعَهُ وَطَاعَهُ. قَالَ الْأَصْحَابُ تَبَعًا لِلْجَوْهَرِيِّ: هِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنْ الْعَارِ، وَفِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَعَلَهَا، وَقِيلَ: إنَّهَا مُشْتَقَّةٌ مِنْ الْعُرْيِ الَّذِي هُوَ التَّجَرُّدُ؛ لِتَجَرُّدِهَا عَنْ الْعِوَضِ، كَمَا تُسَمَّى النَّخْلَةُ الْمَوْهُوبَةُ عَرِيَّةً؛ لِتَعَرِّيهَا عَنْهُ، وَقِيلَ التَّعَاوُرُ وَهُوَ التَّنَاوُبُ لِجَعْلِ الْمَالِكِ نَوْبَةً فِي الِانْتِفَاعِ بِهَا. وَهِيَ (الْعَيْنُ الْمَأْخُوذَةُ) مِنْ مَالِكِهَا - وَلَوْ لِمَنْفَعَتِهَا - أَوْ وَكِيلِهِ (لِلِانْتِفَاعِ بِهَا) مُطْلَقًا، أَوْ زَمَنًا مُقَدَّرًا (بِلَا عِوَضٍ) مِنْ الْآخِذِ لَهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهِ، وَتُطْلَقُ كَثِيرًا عَلَى الْإِعَارَةِ مَجَازًا، وَالْعَارَةُ بِمَعْنَى الْعَارِيَّةِ. قَالَ تَمِيمُ بْنُ مُقْبِلٍ:
فَاخْلُفْ وَأَتْلِفْ إنَّمَا الْمَالُ عَارَةٌ ... وَكُلُّهُ مَعَ الدَّهْرِ الَّذِي هُوَ آكِلُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute