للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ جَهِلَ مُرَادَهُ) فَقَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ مَا أَرَادَ؛ فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ. قُلْت الْأَوْلَى حَمْلُهُ عَلَى مَا فِيهِ نَفْعٌ وَصِلَةٌ؛ إذْ الْمَقْصُودُ مِنْ الْوَقْفِ إنَّمَا هُوَ جَرَيَانُ الصَّدَقَةِ عَلَى الدَّوَامِ؛ وَإِذَا لَمْ نَقُلْ بِرُجُوعِهِ إلَيْهَا يَقْتَضِي أَنْ نَمْنَعَهَا مِمَّا هُوَ مُحْتَمَلٌ أَنْ يَكُونَ لَهَا فِيهِ حَقٌّ؛ وَهُوَ مُتَّجِهٌ - (رَجَعَ) إلَيْهَا (حَقُّهَا) كَالْوَقْفِ عَلَى بَنَاتِهِ عَلَى أَنَّ مَنْ تَزَوَّجَ مِنْهُنَّ فَلَا حَقَّ لَهَا.

(وَإِنْ أَرَادَ صِلَتَهَا مَا دَامَتْ حَافِظَةً لِفِرَاشِهِ فَلَا حَقَّ لَهَا) ؛ لِأَنَّهَا قَدْ أَزَالَتْ ذَلِكَ بِتَزَوُّجِهَا؛ (وَمَتَى أَرَادَ أَحَدُ أَبَوَيْنِ) لِمَحْضُونٍ (نَقْلَهُ إلَى بَلَدِ أَمْنٍ، وَطَرِيقُهُ) أَيْ الْبَلَدِ مَسَافَةُ قَصْرٍ فَأَكْثَرُ (لِيُسْكِنَهُ) وَكَانَ الطَّرِيقُ أَيْضًا آمِنًا (فَأَبٌ أَحَقُّ) لِأَنَّهُ الَّذِي يَقُومُ عَادَةً بِتَأْدِيبِهِ وَتَخْرِيجِهِ وَحِفْظِ نَسَبِهِ؛ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ بِبَلَدِ أَبِيهِ؛ ضَاعَ (مَا لَمْ يُرِدْ) الْأَبُ (بِنَقْلَتِهِ مُضَارَّتَهَا) أَيْ: الْأُمِّ وَانْتِزَاعَ الْوَلَدِ مِنْهَا (قَالَهُ فِي " الْهَدْيِ " فَإِنْ أَرَادَ ذَلِكَ لَمْ يُجِبْ إلَيْهِ) ، بَلْ يَعْمَلُ مَا فِيهِ مَصْلَحَةُ الْوَلَدِ (وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ) أَيْ: الْأَبِ مَعَ يَمِينِهِ (فِي إرَادَةِ النَّقْلَةِ) إلَى بَلَدِ كَذَا وَالْإِقَامَةِ بِهَا؛ لِأَنَّهُ أَدْرَى بِمَقْصُودِهِ، وَإِنْ انْتَقَلَ الْأَبَوَانِ إلَى بَلَدٍ وَاحِدٍ فَالْأُمُّ بَاقِيَةٌ عَلَى حَضَانَتِهَا؛ لِعَدَمِ مَا يُسْقِطُهَا، وَإِنْ أَخَذَهُ الْأَبُ لِافْتِرَاقِ الْبَلَدَيْنِ، ثُمَّ اجْتَمَعَا عَادَتْ إلَى الْأُمِّ حَضَانَتُهَا لِزَوَالِ الْمَانِعِ، وَإِنْ أَرَادَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ نَقْلَهُ (إلَى بَلَدٍ قَرِيبٍ) دُونَ الْمَسَافَةِ مِنْ بَلَدِ الْآخَرِ (لِسُكْنَى فَأُمٌّ) أَحَقُّ فَتَبْقَى عَلَى حَضَانَتِهَا؛ لِأَنَّهَا أَتَمُّ شَفَقَةً، كَمَا لَوْ لَمْ يُسَافِرْ أَحَدُهُمَا، وَإِنْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا سَفَرًا (لِحَاجَةٍ) وَيَعُودُ (بَعْدُ) الْبَلَدُ الَّذِي أَرَادَهُ (أَوْ لَا) أَيْ: لَمْ يُبْعِدْ (فَمُقِيمٌ) مِنْ أَبَوَيْهِ أَحَقُّ بِحَضَانَتِهِ؛ إزَالَةً لِضَرَرِ السَّفَرِ.

[فَصْلٌ بَلَغَ صَبِيٌّ مَحْضُونٌ سَبْعَ سِنِينَ عَاقِلًا]

فَصْلٌ

(وَإِنْ بَلَغَ صَبِيٌّ) مَحْضُونٌ (سَبْعَ سِنِينَ عَاقِلًا) أَيْ تَمَّتْ لَهُ السَّبْعُ (خُيِّرَ بَيْنَ أَبَوَيْهِ اللَّذَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْحَضَانَةِ) بِأَنْ يَكُونَا عَاقِلَيْنِ رَشِيدَيْنِ؛ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «خَيَّرَ غُلَامًا بَيْنَ أَبِيهِ وَأُمِّهِ.» رَوَاهُ سَعِيدٌ وَالشَّافِعِيُّ وَلِأَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا: «جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ: إنَّ زَوْجِي يُرِيدُ أَنْ يَذْهَبَ بِابْنِي وَقَدْ سَقَانِي مِنْ بِئْرِ أَبِي عُيَيْنَةَ وَنَفَعَنِي، فَقَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>