للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِلْكُهُ عَمَّا يُسْتَغْنَى عَنْهُ، فَأَمَّا مَا تَعَلَّقَتْ بِهِ حَاجَتُهُ كَتَجْهِيزِهِ وَقَضَاءِ دَيْنِهِ فَلَا، وَوَصِيَّتُهُ مِنْ حَاجَتِهِ، فَتَحْدُثُ الدِّيَةُ عَلَى مِلْكِ الْمَيِّتِ (وَتَجِبُ) الدِّيَةُ (عَلَى الْوَرَثَةِ) ؛ أَيْ: وَرَثَةِ الْمَقْتُولِ (إنْ) كَانَ (وَصَّى بِمُعَيَّنٍ بِقَدْرِ نِصْفِهَا) ؛ أَيْ: الدِّيَةِ كَمَا لَوْ وَصَّى بِنَحْوِ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ بِقَدْرِ نِصْفِ الدِّيَةِ، حُسِبَتْ الدِّيَةُ عَلَى الْوَرَثَةِ مِنْ ثُلُثَيْهِ؛ لِأَنَّهَا تَرِكَةٌ، وَيَأْخُذُ الْعَبْدُ الْمُوصَى لَهُ بِهِ.

[فَصْلٌ الْوَصِيَّةُ بِمَنْفَعَةٍ مُنْفَرِدَةٍ]

(فَصْلٌ: وَتَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (بِمَنْفَعَةٍ مُنْفَرِدَةٍ) عَنْ الرَّقَبَةِ بِلَا نِزَاعٍ؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ تَمْلِيكُهَا بِعَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ، فَصَحَّتْ الْوَصِيَّةُ بِهَا كَالْأَعْيَانِ، وَقِيَاسًا عَلَى الْإِجَارَةِ (وَتُوَرَّثُ) الْمَنْفَعَةُ كَمَا لَوْ أَوْصَى لِإِنْسَانٍ (بِمَنَافِعِ أَمَتِهِ) أَوْ خِدْمَةِ عَبْدِهِ أَوْ ثَمَرَةِ بُسْتَانٍ أَوْ ثَمَرَةِ شَجَرَةٍ، سَوَاءٌ أَوْصَى بِذَلِكَ (أَبَدًا) ؛ أَيْ: فِي الزَّمَانِ كُلِّهِ (أَوْ مُدَّةً مُعَيَّنَةً) كَسَنَةٍ؛ لِأَنَّ غَايَةَ التَّأْبِيدِ جَهَالَةُ الْقَدْرِ، وَجَهَالَتُهُ لَا تُقْدَحُ، وَلَوْ قَالَ: وَصَّيْتُ بِمَنَافِعِهِ وَأَطْلَقَ، أَفَادَ التَّأْبِيدَ أَيْضًا؛ لِوُجُودِ الْإِضَافَةِ الْمُعَمِّمَةِ. وَلَوْ وَقَّتَ شَهْرًا أَوْ سَنَةً وَأَطْلَقَ؛ وَجَبَ فِي أَوَّلِ زَمَنٍ؛ لِظُهُورِ مَعْنَى الْإِبْهَامِ بِقَوْلِهِ مِنْ السِّنِينَ، وَإِذَا كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِثَمَرَةِ بُسْتَانٍ أَوْ شَجَرَةٍ أَبَدًا أَوْ مُدَّةً مُعَيَّنَةً؛ لَا يَمْلِكُ وَاحِدٌ مِنْ الْمُوصَى لَهُ وَالْوَارِثِ إجْبَارَ الْآخَرِ عَلَى السَّقْيِ؛ لِعَدَمِ الْمُوجِبِ لِذَلِكَ، فَإِنْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا سَقْيَهَا بِحَيْثُ لَا يَضُرُّ بِصَاحِبِهِ؛ لَمْ يَمْلِكْ الْآخَرُ مَنْعَهُ مِنْ السَّقْيِ، فَإِنْ تَضَرَّرَ مُنِعَ؛ لِحَدِيثِ: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» .

وَإِنْ يَبِسَتْ الشَّجَرَةُ الْمُوصَى بِثَمَرَتِهَا فَحَطَبَهَا لِلْوَارِثِ، إذْ لَا حَقَّ لِلْمُوصَى لَهُ فِي رَقَبَتِهَا.

وَإِنْ وَصَّى بِحِمْلِ الشَّجَرِ الْمُوصَى بِثَمَرَتِهِ لِزَيْدٍ سَنَةً مَثَلًا فِي الْمُدَّةِ الْمُعَيَّنَةِ؛ فَلَا شَيْءَ لِلْمُوصَى لَهُ لِفَوَاتِ مَحَلِّ الْوَصِيَّةِ، وَإِنْ قَالَ الْمُوصِي لِزَيْدٍ: لَكَ ثَمَرَتُهَا أَوَّلَ عَامٍ تُثْمِرُ؛ صَحَّ. وَلَهُ ثَمَرَتُهَا ذَلِكَ الْعَامَ تَنْفِيذًا لِلْوَصِيَّةِ، وَإِنْ وَصَّى لَهُ بِلَبَنِ شَاتِهِ وَصُوفِهَا، صَحَّ كَسَائِرِ الْمَنَافِعِ.

وَإِنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِمَنْفَعَةِ أَمَةٍ (فَيُعْتَبَرُ خُرُوجُ جَمِيعِ الْأَمَةِ مِنْ الثُّلُثِ) ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، فَإِنْ خَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ نُفِّذَتْ (مُطْلَقًا) سَوَاءٌ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِالْمَنَافِعِ أَبَدًا أَوْ مُدَّةً مُعَيَّنَةً، وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ أُجِيزَ

<<  <  ج: ص:  >  >>