[بَابُ حُكْمِ الْمُرْتَدِّ]
ِّ (وَهُوَ) لُغَةً الرَّاجِعُ، يُقَالُ ارْتَدَّ فَهُوَ مُرْتَدٌّ إذَا رَجَعَ قَالَ: تَعَالَى: {وَلا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ} [المائدة: ٢١] وَشَرْعًا (مَنْ كَفَرَ) نُطْقًا أَوْ اعْتِقَادًا أَوْ شَكًّا (وَلَوْ) كَانَ (مُمَيِّزًا) فَتَصِحُّ رِدَّتُهُ كَإِسْلَامِهِ، وَيَأْتِي (طَوْعًا) وَلَوْ كَانَ هَازِلًا بَعْدَ إسْلَامِهِ، وَلَوْ كَانَ إسْلَامُهُ (كُرْهًا بِحَقٍّ) كَمَنْ لَا تُقْبَلُ مِنْهُ الْجِزْيَةُ كَعَابِدِ وَثَنٍ إذَا قُوتِلَ عَلَى الْإِسْلَامِ، فَأَسْلَمَ، ثُمَّ ارْتَدَّ (وَكَحَرْبِيٍّ) مِنْ أُمِّ وَلَدٍ لِمُسْلِمٍ اسْتَوْلَى عَلَيْهَا الْحَرْبِيُّونَ، ثُمَّ أُخِذَتْ مِنْهُمْ، وَقَدْ أَتَتْ مِنْهُمْ بِهِ (وَذِمِّيٍّ) انْتَقَضَ عَهْدُهُ (وَأُكْرِهَا عَلَى الْإِسْلَامِ) بِالضَّرْبِ وَالْحَبْسِ، فَامْتَنَعَا مِنْهُ (وَأُرِيدَ قَتْلُهُمَا) فَإِذَا أَسْلَمَا، ثُمَّ ارْتَدَّا كَانَا كَغَيْرِهِمَا مِنْ الْمُرْتَدِّينَ؛ لِأَنَّهُ إكْرَاهُ الْمُسْلِمِينَ بِحَقٍّ.
وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى وُجُوبِ قَتْلِ الْمُرْتَدِّ مَا لَمْ يَتُبْ، وَسَنَدُهُ مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ. قَالَ: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» ) . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا مُسْلِمًا.
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَخَالِدِ بْنَ الْوَلِيدِ وَغَيْرِهِمْ، وَسَوَاءٌ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ؛ لِعُمُومِ الْخَبَرِ، وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيّ «أَنَّ امْرَأَةً يُقَالُ لَهَا أُمُّ مَرْوَانَ ارْتَدَّتْ عَنْ الْإِسْلَامِ، فَبَلَغَ أَمْرُهَا إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَمَرَ أَنْ تُسْتَتَابَ، فَإِنْ تَابَتْ وَإِلَّا قُتِلَتْ» ) وَحَدِيثُ النَّهْيِ عَنْ قَتْلِ الْمَرْأَةِ الْكَافِرَةِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ حِينَ رَأَى امْرَأَةً مَقْتُولَةً وَكَانَتْ كَافِرَةً أَصْلِيَّةً، وَيُخَالِفُ الْكُفْرَ الْأَصْلِيَّ الطَّارِئُ؛ إذْ الْمَرْأَةُ لَا تُجْبَرُ عَلَى تَرْكِ الْكُفْرِ الْأَصْلِيِّ بِضَرْبٍ وَلَا حَبْسٍ، بِخِلَافِ الْمُرْتَدَّةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute