هَذَا؛ فَهَذِهِ شُرُوطٌ بَاطِلَةٌ فِي نَفْسِهَا، وَالْعَقْدُ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَمَّ بِأَرْكَانِهِ وَشُرُوطِهِ، فَإِذَا حُذِفَ الزَّائِدُ الْفَاسِدُ بَقِيَ الْعَقْدُ صَحِيحًا، (أَوْ) شَرَطَ الْمُتَسَابِقَانِ (أَنَّ السَّابِقَ يُطْعِمُ السَّبَقَ) - بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ الْجُعْلَ - (أَصْحَابَهُ أَوْ) يُطْعِمُهُ بَعْضَهُمْ، أَوْ يُطْعِمُهُ (غَيْرَهُمْ) ؛ لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ؛ لِأَنَّهُ عِوَضٌ عَلَى عَمَلٍ، فَلَا يَسْتَحِقُّهُ غَيْرُ الْعَامِلِ؛ كَالْعِوَضِ فِي رَدِّ الْآبِقِ، وَلَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ.
[تَتِمَّةٌ فِيمَا لَوْ فسد مَوْضِعٍ الْمُسَابَقَةُ]
تَتِمَّةٌ: وَكُلُّ مَوْضِعٍ فَسَدَتْ الْمُسَابَقَةُ، فَإِنْ كَانَ السَّابِقُ الْمُخْرِجَ أَمْسَكَ سَبَقَهُ، وَإِنْ كَانَ الْآخِرُ فَلَهُ أَجْرُ عَمَلِهِ؛ لِأَنَّهُ عَمَلٌ بِعِوَضٍ لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ، فَاسْتَحَقَّ أَجْرَ الْمِثْلِ كَالْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ.
[فَصْلٌ الْمُسَابَقَةُ جَعَالَةٌ]
(فَصْلٌ: وَالْمُسَابَقَةُ جَعَالَةٌ) ؛ لِأَنَّهَا عَقْدٌ عَلَى مَا لَا تَتَحَقَّقُ الْقُدْرَةُ عَلَى تَسْلِيمِهِ، فَكَانَ جَائِزًا؛ كَرَدِّ الْآبِقِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ عَلَى الْإِصَابَةِ، وَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ قُدْرَتِهِ، وَبِهَذَا فَارَقَ الْإِجَارَةَ (لَا يُؤْخَذُ بِعِوَضِهَا رَهْنٌ وَلَا كَفِيلٌ) ؛ لِعَدَمِ وُجُوبِهِ.
(وَلِكُلِّ) وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ (فَسْخُهَا) قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْمُسَابَقَةِ، وَإِنْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا الزِّيَادَةَ فِيهَا وَالنُّقْصَانَ مِنْهَا؛ لَمْ يَلْزَمْ الْآخَرَ إجَابَتُهُ، وَيَصِحُّ الْفَسْخُ بَعْدَ الشُّرُوعِ، (مَا لَمْ يَظْهَرْ) عَلَى أَحَدِهِمَا (الْفَضْلُ لِصَاحِبِهِ) مِثْلُ أَنْ يَسْبِقَهُ بِفَرَسِهِ فِي بَعْضِ الْمَسَافَةِ، أَوْ يُصِيبَ بِسِهَامِهِ أَكْثَرَ مِنْهُ، فَإِنْ ظَهَرَ فَضْلٌ (فَيَمْتَنِعُ) الْفَسْخُ (عَلَيْهِ) - أَيْ: الْمَفْضُولِ - (فَقَطْ) دُونَ الْفَاضِلِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ جَازَ لِلْمَفْضُولِ ذَلِكَ لَفَاتَ غَرَضُ الْمُسَابَقَةِ، فَلَا يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ.
(وَتَبْطُلُ) الْمُسَابَقَةُ (بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا) - أَيْ: الْمُتَعَاقِدَيْنِ - كَسَائِرِ الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ، (أَوْ) بِمَوْتِ (أَحَدِ الْمَرْكُوبَيْنِ) أَوْ الرَّامِيَيْنِ؛ لِتَعَلُّقِ الْعَقْدِ بِعَيْنِ الْمَرْكُوبِ وَالرَّامِي، وَلَا يَقُومُ وَارِثُ الْمَيِّتِ مَقَامَهُ، وَلَا يُقِيمُ الْحَاكِمُ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ؛ لِأَنَّهَا انْفَسَخَتْ بِمَوْتِهِ، هَذَا الْمَذْهَبُ، وَهُوَ كَالصَّرِيحِ الْمَقْطُوعِ بِهِ فِي كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute