وَهُوَ الْفِسْكِلُ، ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ فَالْفِسْكِلُ اسْمٌ لِلْآخِرِ، ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ هَذَا فِي غَيْرِ الْمُسَابَقَةِ بِالْخَيْلِ تَجَوُّزًا، كَمَا رُوِيَ أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ كَانَتْ تَزَوَّجَتْ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَوَلَدَتْ عَبْدَ اللَّهِ وَمُحَمَّدًا أَوْ عَوْنًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَوَلَدَتْ لَهُ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقَالَتْ لَهُ: إنَّ ثَلَاثَةً أَنْتَ آخِرُهُمْ لَأَخْيَارٌ، فَقَالَ لِوَلَدِهَا: فَثَكِلَتْنِي أُمُّكُمْ.
(فَإِنْ جَعَلَ) مَنْ أَخْرَجَ الْعِوَضَ (لِمُصَلٍّ أَكْثَرَ مِنْ سَابِقٍ وَنَحْوِهِ) ؛ كَأَنْ جَعَلَ لِلتَّالِي أَكْثَرَ مِنْ الْمُصَلِّي، (أَوْ لَمْ يَجْعَلْ لِمُصَلٍّ شَيْئًا) ، وَجَعَلَ لِلتَّالِي عِوَضًا؛ (لَمْ يَجُزْ) ؛ لِأَنَّهُ يُفْضِي إلَى أَلَّا يُقْصَدَ السَّبَقُ، بَلْ يُقْصَدَ التَّالِي؛ فَيَفُوتَ الْمَقْصُودُ.
(وَإِنْ قَالَ) مُخْرِجُ الْعِوَضِ (لِعَشَرَةٍ: مَنْ سَبَقَ مِنْكُمْ فَلَهُ عَشَرَةٌ) ؛ صَحَّ، (فَإِنْ جَاءُوا مَعًا؛ فَلَا شَيْءَ لَهُمْ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ الَّذِي يُسْتَحَقُّ بِهِ الْجُعْلُ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمْ.
(وَإِنْ سَبَقَ وَاحِدٌ) فَلَهُ الْعَشَرَةُ؛ لِوُجُودِ الشَّرْطِ فِيهِ، أَوْ سَبَقَ اثْنَانِ (فَأَكْثَرُ إلَى تِسْعَةٍ مَعًا) ، وَتَأَخَّرَ أَمَا عَدَا سَبَقٍ فَالْعَشَرَةُ (لَهُمْ) أَيْ لِلِاثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ، لِأَنَّ الشَّرْطَ وُجِدَ فِيهِمْ، فَكَانَ الْجُعْلُ بَيْنَهُمْ؛ كَمَا لَوْ قَالَ مَنْ رَدَّ عَبْدِي الْآبِقَ فَلَهُ كَذَا، فَرَدَّتْ تِسْعَةٌ، فَلَهُمْ الْعَشَرَةُ؛ لِحُصُولِ رَدِّهِ مِنْ الْكُلِّ، وَيَصِيرُ هَذَا كَمَا لَوْ قَالَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ، فَإِنْ قَتَلَ كُلُّ وَاحِدٍ وَاحِدًا؛ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ سَلَبُ قَتِيلِهِ كَامِلًا، وَإِنْ قَتَلَ الْجَمَاعَةُ وَاحِدًا فَلِجَمِيعِهِمْ سَلَبٌ وَاحِدٌ، وَهَا هُنَا كُلُّ وَاحِدٍ لَهُ سَبَقٌ مُفْرَدٌ، فَكَانَ الْجُعْلُ لَهُ كَامِلًا.
فَلَوْ قَالَ: مَنْ سَبَقَ فَلَهُ عَشَرَةٌ، وَمَنْ صَلَّى فَلَهُ خَمْسَةٌ، فَسَبَقَ خَمْسَةٌ، وَصَلَّى خَمْسَةٌ؛ فَلِلسَّابِقِينَ عَشَرَةٌ، لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ دِرْهَمَانِ وَلِلْمُصَلِّينَ خَمْسَةٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ دِرْهَمٌ.
(وَيَصِحُّ عَقْدٌ لَا شَرْطٌ) ، فَيَلْغُو (فِي) قَوْلِ أَحَدِ الْمُتَسَابِقَيْنِ لِلْآخَرِ: (إنْ سَبَقْتنِي فَلَكَ كَذَا، وَلَا أَرْمِي أَبَدًا، أَوْ) لَا أَرْمِي (شَهْرًا) وَنَحْوَهُ؛ كَأَنْ شَرَطَا لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا الْفَسْخَ مَتَى شَاءَ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ، وَأَشْبَاهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute