بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ قَالَ الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَكَانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ، وَقَالَ أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ وَشَهَادَةُ الزُّورِ، فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلَا يَتَقَدَّرُ تَعْزِيرُهُ، بَلْ يَكُونُ (بِمَا يَرَاهُ حَاكِمٌ مِنْ جَلْدٍ أَوْ حَبْسٍ) أَوْ كَشْفِ رَأْسٍ وَنَحْوِهِ (مَا لَمْ يُخَالِفْ نَصًّا أَوْ مَعْنَاهُ) كَحَلْقِ لِحْيَةٍ، أَوْ قَطْعِ طَرَفٍ، أَوْ أَخْذِ مَالٍ (وَطَيْفٍ بِهِ) ؛ أَيْ: بِشَاهِدِ الزُّورِ (فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَشْتَهِرُ فِيهَا) كَإِيقَافِهِ فِي سُوقِهِ أَوْ مَحَلَّتِهِ وَنَحْوِهَا وَيُنَادَى عَلَيْهِ (فَيُقَالُ إنَّا وَجَدْنَاهُ شَاهِدَ زُورٍ، فَاجْتَنِبُوهُ) وَنَحْوَهُ.
(وَلَا يُعَزَّرُ) (شَاهِدٌ بِتَعَارُضِ الْبَيِّنَةِ) لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ بِهِ كَذِبُ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ بِعَيْنِهَا (وَلَا بِغَلَطِهِ فِي شَهَادَتِهِ) لِأَنَّ الْغَلَطَ يَعْرِضُ لِلصَّادِقِ الْعَدْلِ، وَلَا يَتَعَمَّدُهُ.
(أَوْ) ؛ أَيْ: وَلَا يُعَزَّرُ شَاهِدٌ (بِرُجُوعِهِ) عَنْ شَهَادَتِهِ، لِاحْتِمَالِ، أَنَّهُ لِمَا تَبَيَّنَ لَهُ مِنْ خَطَئِهِ (أَوْ) ؛ أَيْ: وَلَا يُعَزَّرُ (لِظُهُورِ فِسْقِهِ) لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ صِدْقَهُ، وَمَتَى ادَّعَى شُهُودُ قَوَدٍ خَطَأً؛ عُزِّرُوا. قَالَهُ فِي " التَّرْغِيبِ ".
[فَصْل لَا تَقْبَلُ الشَّهَادَةُ مِنْ نَاطِقٍ إلَّا بِلَفْظِ أَشْهَدُ أَوْ بِلَفْظِ شَهِدْت]
فَصْل (وَلَا تَقْبَلُ الشَّهَادَةُ) مِنْ نَاطِقٍ (إلَّا بِلَفْظِ أَشْهَدُ أَوْ بِلَفْظِ شَهِدْت) لِأَنَّهُ مَصْدَرُ شَهِدَ يَشْهَدُ شَهَادَةً، فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِتْيَانِ بِفِعْلِهَا الْمُشْتَقِّ مِنْهُ، وَلِأَنَّ فِيهَا مَعْنًى لَا يَحْصُلُ فِي غَيْرِهَا مِنْ الْأَلْفَاظِ وَلِذَلِكَ اُخْتُصَّتْ بِاللِّعَانِ، وَتَقَدَّمَ لَوْ أَدَّاهَا أَخْرَسُ بِخَطِّهِ قُبِلَتْ (فَلَا يَكْفِي قَوْلُهُ أَنَا شَاهِدٌ) بِكَذَا؛ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ عَمَّا اتَّصَفَ بِهِ، كَقَوْلِهِ إنَّهُ مُحْتَمَلٌ شَهَادَةً عَلَى فُلَانٍ بِكَذَا، بِخِلَافِ أَشْهَدُ أَوْ شَهِدْت بِكَذَا؛ فَإِنَّهَا جُمْلَةٌ فِعْلِيَّةٌ تَدُلُّ عَلَى حُدُوثِ فِعْلِ الشَّهَادَةِ بِذَلِكَ اللَّفْظِ، وَلَا يَكْفِي قَوْلُهُ (أَعْلَمُ أَوْ أُحِقُّ) أَوْ أَعْرِفُ أَوْ أَتَحَقَّقُ أَوْ أَتَيَقَّنُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِالْفِعْلِ الْمُشْتَقِّ مِنْ لَفْظِ الشَّهَادَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute