وَثُلُثٌ، وَالْبَاقِي لِلْوَارِثِ (إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَالُ) الْمُخَلَّفُ (ظَاهِرًا لَا يَخْفَى) عَلَى الْمُجِيزِ؛ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إنَّهُ ظَنَّهُ قَلِيلًا؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ (أَوْ تَقُومُ بَيِّنَةٌ) عَلَى الْمُجِيزِ (بِعِلْمِ قَدْرِهِ) - أَيْ: الْمَالِ - فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ، وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَمَلًا بِالْبَيِّنَةِ (وَإِنْ كَانَ) الْمُجَازُ مِنْ عَطِيَّةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ (عَيْنًا) كَعَبْدٍ أَوْ فَرَسٍ مُعَيَّنَيْنِ، يَزِيدُ عَلَى الثُّلُثِ، فَأَجَازَ الْوَارِثُ، وَقَالَ بَعْدَ الْإِجَازَةِ: ظَنَنْت الْمَالَ كَثِيرًا تَخْرُجُ الْوَصِيَّةُ مِنْ ثُلُثِهِ، فَبَانَ قَلِيلًا أَوْ ظَهَرَ عَلَيْهِ دَيْنٌ؛ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ، (أَوْ) كَانَ الْمُجَازُ (مَبْلَغًا مَعْلُومًا) كَمِائَةِ دِرْهَمٍ أَوْ عَشَرَةِ دَنَانِيرَ أَوْ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنْ بُرٍّ تَزِيدُ عَلَى الثُّلُثِ أَوْصَى بِهَا وَأَجَازَهَا الْوَارِثُ (وَقَالَ ظَنَنْت الْبَاقِيَ) بَعْدَهُ (كَثِيرًا) فَبَانَ قَلِيلًا، أَوْ ظَهَرَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ أَعْلَمْهُ (لَمْ يُقْبَلْ) قَوْلُهُ، وَلَمْ يَمْلِكْ الرُّجُوعَ؛ لِأَنَّ الْمُجَازَ مَعْلُومٌ لَا جَهَالَةَ فِيهِ، وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَإِنْ قَالَ ظَنَنْت قِيمَتَهُ أَلْفًا، فَبَانَ أَكْثَرَ؛ قِيلَ وَلَيْسَ نَقْضًا لِلْحُكْمِ بِصِحَّةِ الْإِجَازَةِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ، وَقَالَ إنْ أَجَازَ وَقَالَ: أَرَدْت أَصْلَ الْوَصِيَّةِ؛ قُبِلَ.
[فَصْلٌ حُكْمِ قَبُولِ الْوَصِيَّةِ وَرَدِّهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ]
(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ قَبُولِ الْوَصِيَّةِ وَرَدِّهَا وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ، وَغَيْرِ ذَلِكَ (وَمَا وَصَّى بِهِ لِغَيْرِ مَحْصُورٍ) كَالْعُلَمَاءِ وَالْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَمَنْ لَا يُمْكِنُ حَصْرُهُمْ كَبَنِي تَمِيمٍ (أَوْ) وَصَّى بِهِ (لِنَحْوِ مَسْجِدٍ) كَثَغْرٍ وَرِبَاطٍ وَحَجٍّ (لَمْ يُشْتَرَطْ قَبُولُهُ وَلَزِمَتْ) الْوَصِيَّةُ (بِمُجَرَّدِ مَوْتٍ) لِأَنَّ اعْتِبَارَ الْقَبُولِ مِنْهُمْ مُتَعَذَّرٌ، فَسَقَطَ اعْتِبَارُهُ كَالْوَقْفِ عَلَيْهِمْ، وَلَا يَتَعَيَّنُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، فَيُكْتَفَى بِهِ، وَلَوْ كَانَ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ ذُو رَحِمٍ مِنْ الْمُوصَى بِهِ مِثْلَ أَنْ يُوصِيَ بِعَبْدٍ لِلْفُقَرَاءِ وَأَبُو الْعَبْدِ فَقِيرٌ؛ لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَمْ يَثْبُتْ لِكُلٍّ مِنْهُمْ إلَّا بِالْقَبْضِ (وَإِلَّا) تَكُنْ الْوَصِيَّةُ كَذَلِكَ، بَلْ لِآدَمِيٍّ مُعَيَّنٍ - وَلَوْ عَدَدًا يُمْكِنُ حَصْرُهُ - (اُشْتُرِطَ) قَبُولُهُ؛ لِأَنَّهَا تَمْلِيكٌ لَهُ كَالْهِبَةِ.
(وَيَحْصُلُ قَبُولٌ بِلَفْظٍ) كَقَبِلْتُ، وَلَا يَتَعَيَّنُ اللَّفْظُ، بَلْ يُجْزِئُ مَا قَامَ مَقَامَهُ، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: (وَ) يَحْصُلُ قَبُولٌ (بِفِعْلٍ) دَالٍّ عَلَى الرِّضَى (كَأَخْذِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute