فَاخْتَصَّ بِهِ الرَّجُلُ كَالطَّلَاقِ، وَلِأَنَّ الْحِلَّ فِي الْمَرْأَةِ حَقٌّ لِلزَّوْجِ؛ فَلَا تَمْلِكُ إزَالَتَهُ كَسَائِرِ حُقُوقِهِ (وَعَلَيْهَا كَفَّارَتُهُ) أَيْ: الظِّهَارِ؛ لِأَنَّهَا أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ، وَقَدْ أَتَى بِالْمُنْكَرِ مِنْ الْقَوْلِ وَالزُّورِ فِي تَحْرِيمِ الْآخَرِ عَلَيْهِ أَشْبَهَتْ الزَّوْجَ، وَعَلَيْهَا التَّمْكِينُ لِزَوْجِهَا مِنْ وَطْئِهَا قَبْلَهُ أَيْ قَبْلَ التَّكْفِيرِ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلزَّوْجِ؛ فَلَا تَمْنَعُهُ، كَسَائِرِ حُقُوقِهِ وَلِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهَا حُكْمُ الظِّهَارِ؛ وَإِنَّمَا وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ تَغْلِيظًا، وَلَيْسَ لَهَا ابْتِدَاءُ الْقُبْلَةِ وَالِاسْتِمْتَاعِ قَبْلَ التَّكْفِيرِ.
وَرَوَى الْأَثْرَمُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ النَّخَعِيّ عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ: أَنَّهَا قَالَتْ: إنْ تَزَوَّجْت مُصْعَبَ بْنَ الزُّبَيْرِ فَهُوَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أَبِي، فَسَأَلَتْ أَهْلَ الْمَدِينَةِ فَرَأَوْا أَنَّ عَلَيْهَا الْكَفَّارَةَ وَرَوَى سَعِيدٌ: أَنَّهَا اسْتَفْتَتْ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُمْ يَوْمئِذٍ كَثِيرٌ، فَأَمَرُوهَا أَنْ تَعْتِقَ رَقَبَةً، وَتَتَزَوَّجَهُ، فَتَزَوَّجَتْهُ، وَأَعْتَقَتْ عَبْدًا.
(وَيُكْرَهُ دُعَاءُ أَحَدِهِمَا) أَيْ: الزَّوْجَيْنِ (الْآخَرَ) بِمَا يَخْتَصُّ (بِذِي رَحِمٍ كَأَبِي وَأُمِّي وَأَخِي وَأُخْتِي) قَالَ أَحْمَدُ: لَا يُعْجِبُنِي.
[فَصْلٌ مِنْ يَصِحُّ مِنْهُ الظِّهَارُ]
فَصْلٌ (وَيَصِحُّ) الظِّهَارُ (مِنْ كُلِّ مَنْ) أَيْ: زَوْجٍ (يَصِحُّ طَلَاقُهُ) مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا أَوْ عَبْدًا أَوْ مُمَيِّزًا يَعْقِلُهُ؛ لِأَنَّهُ تَحْرِيمٌ كَالطَّلَاقِ، فَجَرَى مَجْرَاهُ، وَصَحَّ مِمَّنْ يَصِحُّ مِنْهُ (وَاخْتَارَ الْمُوَفَّقُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ ظِهَارُ مُمَيِّزٍ وَلَا إيلَاؤُهُ) لِأَنَّهُ يَمِينُ مُكَفَّرَةٌ، فَلَا يَنْعَقِدُ فِي حَقِّهِ كَالْيَمِينِ، وَلِأَنَّ الْكَفَّارَةَ وَجَبَتْ، لِمَا فِيهِ مِنْ قَوْلِ الْمُنْكَرِ وَالزُّورِ وَذَلِكَ مَرْفُوعٌ عَنْ الصَّبِيِّ؛ لِأَنَّ الْقَلَمَ مَرْفُوعٌ عَنْهُ، لَكِنَّ الْمَذْهَبَ صِحَّةُ ظِهَارِ الْمُمَيِّزِ وَإِيلَاؤُهُ كَطَلَاقِهِ؛ قَالَ فِي " عُيُونِ الْمَسَائِلِ " سَوَّى أَحْمَدَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّلَاقِ قَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute