للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ مَسَائِلَ مِنْ أَحْكَامِ الْجِنِّ]

(فَصْلٌ) فِي مَسَائِلَ مِنْ أَحْكَامِ (الْجِنِّ) مُنَزَّلُونَ عَلَى مَرَاتِبَ: فَإِذَا أُرِيدَ ذِكْرُ الْجِنِّ خَاصَّةً؛ قِيلَ: جِنِّيٌّ، فَإِنْ أُرِيدَ أَنَّهُ مِمَّنْ يَسْكُنُ مَعَ النَّاسِ؛ قِيلَ: عَامِرٌ، فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَعْرِضُ لِلصِّبْيَانِ؛ قِيلَ: أَرْوَاحٌ، فَإِنْ خَبُثَ وَتَعَزَّمَ؛ قِيلَ: شَيْطَانٌ، فَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ؛ قِيلَ: مَارِدٌ، فَإِنْ قَوِيَ عَلَى نَقْلِ الصُّخُورِ وَالْأَحْجَارِ وَتَفَرْعَنَ؛ قِيلَ: عِفْرِيتٌ.

وَهُمْ (مُكَلَّفُونَ فِي الْجُمْلَةِ إجْمَاعًا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: ٥٦] (يَدْخُلُ كَافِرُهُمْ النَّارَ، إجْمَاعًا، وَ) يَدْخُلُ (مُؤْمِنُهُمْ الْجَنَّةَ) ، لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ، (وَلَا يَصِيرُ تُرَابًا، خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَاللَّيْثِ) ، رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى، فِي أَنَّهُ يَصِيرُ تُرَابًا، وَأَنَّ ثَوَابَهُ النَّجَاةُ مِنْ النَّارِ كَالْبَهَائِمِ، (وَهُمْ) ، أَيْ: مُؤْمِنُو الْجِنِّ (فِيهَا كَغَيْرِهِمْ) مِنْ الْآدَمِيِّينَ (عَلَى قَدْرِ ثَوَابِهِمْ) ، لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ، (لَا أَنَّهُمْ حَوْلَهَا) ، أَيْ: الْجَنَّةِ (خِلَافًا لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَيَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ فِيهَا، خِلَافًا لِمُجَاهِدٍ) ، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: الْجِنُّ أَجْسَامٌ هَوَائِيَّةٌ أَوْ نَارِيَّةٌ، أَيْ: يَغْلِبُ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ فَهُمْ مُرَكَّبُونَ مِنْ الْعَنَاصِرِ الْأَرْبَعَةِ كَالْمَلَائِكَةِ عَلَى قَوْلٍ، وَقِيلَ: أَرْوَاحٌ مُجَرَّدَةٌ، وَقِيلَ: نُفُوسٌ بَشَرِيَّةٌ مُفَارِقَةٌ عَنْ أَبْدَانِهَا، وَعَلَى كُلٍّ؛ فَلَهُمْ عَقْلٌ وَفَهْمٌ، يَقْدِرُونَ عَلَى التَّشَكُّلِ بِأَشْكَالٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَعَلَى الْأَعْمَالِ الشَّاقَّةِ فِي أَسْرَعِ زَمَنٍ، وَصَحَّ خَبَرُ أَنَّهُمْ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ ذُو أَجْنِحَةٍ يَطِيرُونَ بِهَا، وَحَيَّاتٌ، وَآخَرُونَ يَحِلُّونَ وَيَرْحَلُونَ، وَنُوَزِّعُ فِي قُدْرَتِهِمْ عَلَى التَّشَكُّلِ بِاسْتِلْزَامِهِ رَفْعَ الثِّقَةِ بِشَيْءٍ، فَإِنَّهُ مَنْ رَأَى وَلَوْ وَلَدَهُ؛ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ جِنِّيٌّ تَشَكَّلَ بِهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>