النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ لِإِدْرَاكِ الْجَمَاعَةِ، وَذَلِكَ مَوْجُودٌ هُنَا، وَلِأَنَّ ذَلِكَ تَحْصِيلُ مَصْلَحَةٍ بِلَا مَضَرَّةٍ، فَكَانَ مُسْتَحَبًّا كَرَفْعِ الصَّوْتِ بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ (إنْ لَمْ يَشُقَّ) انْتِظَارُهُ (عَلَى مَأْمُومٍ) بِأَنْ كَانَتْ الْجَمَاعَةُ يَسِيرَةً، وَلَا يَشُقُّ عَلَيْهِمْ، وَلَا عَلَى بَعْضِهِمْ، وَإِلَّا (فَيُكْرَهُ) ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْمَأْمُومِ الَّذِي مَعَهُ فِي الصَّلَاةِ أَعْظَمُ مِنْ حُرْمَةِ مَنْ يُرِيدُ الدُّخُولَ، فَلَا يَشُقُّ عَلَى مَنْ مَعَهُ لِنَفْعِ الدَّاخِلِ، (وَكَذَا لَوْ كَثُرَتْ جَمَاعَةٌ) أَوْ كَانَ الدَّاخِلُ مِنْ ذَوِي الْهَيْئَاتِ، فَيُكْرَهُ انْتِظَارُهُ، (لِأَنَّهُ) ، أَيْ: الْحَالَ وَالشَّأْنَ (يَبْعُدُ أَنْ لَا يَكُونَ فِيهِمْ مَنْ يَشُقُّ عَلَيْهِ) ذَلِكَ، زَادَ جَمَاعَةٌ أَوْ طَالَ ذَلِكَ.
(وَسُنَّ تَطْوِيلُ قِرَاءَةِ) رَكْعَةٍ (أَوْلَى) لِإِمَامٍ أَوْ غَيْرِهِ (عَنْ) قِرَاءَةِ رَكْعَةٍ (ثَانِيَةٍ) ، لِمَا رَوَى أَبُو قَتَادَةَ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُطَوِّلُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: «كَانَتْ صَلَاةُ الظُّهْرِ تُقَامُ، فَيَذْهَبُ الذَّاهِبُ إلَى الْبَقِيعِ، فَيَقْضِي حَاجَتَهُ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ، ثُمَّ يَأْتِي رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِمَّا يُطَوِّلُهَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَلْيَلْحَقْهُ الْقَاصِدُ إلَيْهَا، لِئَلَّا يَفُوتَهُ مِنْ الْجَمَاعَةِ شَيْءٌ (إلَّا فِي صَلَاةِ خَوْفٍ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي) كَمَا يَأْتِي فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ، (فَثَانِيَةٌ أَطْوَلُ) مِنْ أُولَى، لِتُتِمَّ الطَّائِفَةُ الْأُولَى صَلَاتَهَا، ثُمَّ تَذْهَبَ لِتَحْرُسَ، ثُمَّ تَأْتِيَ الْأُخْرَى، فَتَدْخُلَ مَعَهُ، (أَوْ) إلَّا إذَا كَانَ تَطْوِيلُ قِرَاءَةِ الثَّانِيَةِ عَنْ الْأُولَى (بِيَسِيرٍ، كَ) مَا إذَا قَرَأَ بِ: (سَبِّحْ، وَالْغَاشِيَةِ) لِوُرُودِهِ فِي نَحْوِ الْجُمُعَةِ (وَفِي " الْإِقْنَاعِ ":) وَ (لَعَلَّ الْمُرَادَ: لَا أَثَرَ لِتَفَاوُتٍ يَسِيرٍ، وَهُوَ) ، أَيْ: تَرَجِّي صَاحِبِ " الْإِقْنَاعِ " (حَسَنٌ) ؛ فَلَا كَرَاهَةَ فِي ذَلِكَ، لِمَا تَقَدَّمَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute