للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْفَسَادِ. قَالَهُ الْغَزَالِيُّ فِي " الْإِحْيَاءِ " وَهَذَا مُنْشَأُ مَا وَقَعَ فِي الْقَهْوَةِ حَيْثُ اسْتَنَدَ إلَيْهِ مَنْ أَفْتَى بِتَحْرِيمِهَا، وَغَيْرُ خَافٍ أَنَّ الْمُحَرَّمَ التَّشَبُّهُ لَا ذَاتُهَا، حَيْثُ لَا دَلِيلَ يَخُصُّ؛ لِعَدَمِ إسْكَارِهَا كَمَا هُوَ مَحْسُوسٌ، وَهَذَا يَشْهَدُهُ الْوِجْدَانُ الصَّادِقُ بَعْدَ التَّأَمُّلِ الْفَائِقِ.

[بَابُ التَّعْزِيرِ]

ِ (وَهُوَ) لُغَةً الْمَنْعُ، وَاصْطِلَاحًا (التَّأْدِيبُ) لِأَنَّهُ يَمْنَعُ مِنْ تَعَاطِي الْقَبِيحِ. وَعَزَّرْتُهُ بِمَعْنَى نَصَرْتُهُ؛ لِأَنَّهُ مَنَعَ عَدُوَّهُ مِنْ أَذَاهُ. وَقَالَ السَّعْدِيُّ: يُقَالُ عَزَّرْتُهُ وَقَّرْتُهُ، وَأَيْضًا أَدَّبْتُهُ، وَهُوَ مِنْ الْأَضْدَادِ، وَهُوَ طَرِيقٌ إلَى التَّوْقِيرِ؛ لِأَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ بِهِ وَصُرِفَ عَنْ الدَّنَاءَةِ؛ حَصَلَ لَهُ الْوَقَارُ وَالنَّزَاهَةُ. (وَيَجِبُ) التَّعْزِيرُ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ؛ نَصَّ عَلَيْهِ فِي سَبِّ صَحَابِيٍّ، وَكَحَدٍّ وَكَحَقِّ آدَمِيٍّ طَلَبَهُ (فِي كُلِّ مَعْصِيَةٍ لَا حَدَّ فِيهَا وَلَا كَفَّارَةَ) خَرَجَ بِهِ الظِّهَارُ وَالْإِيلَاءُ وَشِبْهُ الْعَمْدِ.

(وَيَتَّجِهُ لَا يُعَزِّرُ حَاكِمٌ مَنْ) ؛ أَيْ: شَخْصًا (قَلَّدَ غَيْرَ مَذْهَبِهِ فِيمَا) أَيْ: فَعَلَ (لَا يُنْقَضُ فِيهِ حُكْمٌ) كَمَا لَوْ قَلَّدَ حَنْبَلِيٌّ أَبَا حَنِيفَةَ فِي عَقْدِ نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ؛ فَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ الْحَنْبَلِيِّ أَنْ يُعَزِّرَهُ (لِانْتِفَاءِ الْمَعْصِيَةِ) بِتَقْلِيدِهِ إمَامًا يَرَى صِحَّةَ ذَلِكَ الْعَقْدَ، وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ حَكَمَ بِصِحَّتِهِ الْحَنَفِيُّ؛ وَرُفِعَ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى الْحَنْبَلِيِّ؛ لَوَجَبَ عَلَيْهِ تَنْفِيذُهُ.

(أَوْ) أَيْ: وَلَا تَعْزِيرَ عَلَى (مُعْتَقِدِ حِلِّ) شَيْءٍ فَعَلَهُ (فَأَخْطَأَ) لِظُهُورِ عَدَمِ جَوَازِ فِعْلِ ذَلِكَ الشَّيْءِ لِلشُّبْهَةِ (لَا إنْ) عَزَمَ عَلَى فِعْلِ شَيْءٍ وَ (تَرَدَّدَ) هَلْ يَجُوزُ فِعْلُهُ أَوْ لَا؟ فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ فِعْلُهُ (إذْ لَا يَجُوزُ الْإِقْدَامُ عَلَى الْفِعْلِ) الْمُتَرَدَّدِ فِيهِ إذَنْ، فَلَوْ فَعَلَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، فَلِلْحَاكِمِ تَعْزِيرُهُ؛ لِارْتِكَابِهِ الْمَعْصِيَةَ؛ وَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>