فِي " التَّذْكِرَةِ " وَقِيلَ لِئَلَّا تُؤْكَلَ، أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي تَعْلِيلِهِ، وَصَحَّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ أَتَى بَهِيمَةً فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ (لَكِنْ) لَا تُقْتَلُ إلَّا (بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ عَلَى فِعْلِهِ بِهَا) إنْ لَمْ تَكُنْ مِلْكَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ عَلَى مِلْكِ غَيْرِهِ.
(وَيَكْفِي إقْرَارُهُ مَرَّةً إنْ مَلَكَهَا) مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ (وَيَحْرُمُ أَكْلُهَا) ؛ أَيْ: الْمَأْتِيَّةِ - وَلَوْ مَأْكُولَةً - لِأَنَّهَا حَيَوَانٌ وَجَبَ قَتْلُهُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى؛ أَشْبَهَ سَائِرَ الْمَأْكُولَاتِ (فَيَضْمَنُهَا) الْآتِي لَهَا بِقِيمَتِهَا لِإِتْلَافِهَا بِسَبَبِهِ، كَمَا لَوْ جَرَحَهَا فَمَاتَتْ. (وَيَتَّجِهُ الْأَصَحُّ لَا تُقْتَلُ) الْبَهِيمَةُ الْمَأْتِيَّةُ؛ لِأَنَّهَا لَا ذَنْبَ لَهَا، قَدَّمَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ " " وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ " وَهُوَ رِوَايَةٌ؛ (فَإِنَّ) الْإِمَامَ (أَحْمَدَ سُئِلَ) عَنْ حَدِيثِ قَتْلِهَا فَلَمْ يُثْبِتْهُ، (وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ: الْحَدِيثُ) الْوَارِدُ فِي قَتْلِهَا (ضَعِيفٌ) لَكِنْ قَالَ: فِي " الْإِنْصَافِ " وَتُقْتَلُ الْبَهِيمَةُ هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ.
قَالَ فِي " الْفُرُوعِ " وَتُقْتَلُ الْبَهِيمَةُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَقَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيِّ صَاحِبُ " الْهِدَايَةِ " " وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ " " وَالْمُسْتَوْعِبِ " " وَالْخُلَاصَةِ " " وَالْكَافِي " " وَالْوَجِيزِ " وَغَيْرِهِمْ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الِاخْتِيَارُ قَتْلُهَا، انْتَهَى. فَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّ الِاتِّجَاهَ فِيهِ مَا فِيهِ (وَعَنْهُ) ؛ أَيْ: الْإِمَامِ أَحْمَدَ (مَنْ أَتَى بَهِيمَةً حُدَّ كَلُوطِيٍّ) وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ اخْتَارَهَا الْقَاضِي، وَالْمَذْهَبُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ يُعَزَّرُ فَقَطْ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ.
(وَمَنْ مَكَّنَتْ مِنْهَا قِرْدًا) حَتَّى وَطِئَهَا (عُزِّرَتْ) تَعْزِيرًا بَلِيغًا كَوَاطِئِ الْبَهِيمَةِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ.
[فَصْلٌ شُرُوطُ حَدِّ الزِّنَا]
فَصْلٌ (وَشُرُوطُ حَدِّ زِنًا ثَلَاثَةٌ: أَحَدُهَا - تَغْيِيبُ حَشَفَةٍ أَصْلِيَّةٍ مِنْ عَاقِلٍ، وَيَتَّجِهُ بِاحْتِمَالٍ) قَوِيٍّ أَنْ يَكُونَ (بِلَا حَائِلٍ) قِيَاسًا عَلَى الْغُسْلِ، إذْ لَوْ غَيَّبَ حَشَفَتَهُ بِحَائِلٍ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ، فَدَلَّ أَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute