للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(لَا) يَبْطُلُ الثَّوَابُ بِالْمَنِّ إذَا كَانَ (لِقَصْدِ تَرْبِيَةٍ وَتَأْدِيبٍ) لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ. «أَنَّ النَّبِيَّ. - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْطَى الْمُؤَلَّفَةَ وَلَمْ يُعْطِ الْأَنْصَارَ، فَكَأَنَّهُمْ وَجَدُوا، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، أَلَمْ أَجِدْكُمْ ضُلَّالًا، فَهَدَاكُمْ اللَّهُ بِي؟ وَكُنْتُمْ مُتَفَرِّقِينَ، فَأَلَّفَكُمْ اللَّهُ بِي؟ وَعَالَةً، فَأَغْنَاكُمْ اللَّهُ بِي؟ فَقَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ» الْحَدِيثُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ فِي هَذَا كَمَا قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: لَا يَحِلُّ أَنْ يَمُنَّ إلَّا مَنْ كُفِرَ إحْسَانُهُ وَأُسِيءَ إلَيْهِ، فَلَهُ أَنْ يُعَدِّدَ إحْسَانَهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ هَذَا دَلِيلٌ عَلَى إقَامَةِ الْحُجَّةِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا عَلَى الْخَصْمِ.

[فَرْعٌ الْغَنِيُّ الشَّاكِرُ أَفْضَلُ مِنْ الْفَقِيرِ الصَّابِرِ]

(فَرْعٌ: الْغَنِيُّ الشَّاكِرُ أَفْضَلُ مِنْ الْفَقِيرِ الصَّابِرِ) ، بِخِلَافِ مَنْ لَا يَصْبِرُ، وَيَفْسُدُ دِينُهُ بِفَقْرِهِ. فَالْغِنَى لَهُ أَفْضَلُ، وَبِخِلَافِ غَنِيٍّ لَا يَشْكُرُ، وَيَحْمِلُهُ مَالُهُ عَلَى الطُّغْيَانِ. فَالْفَقْرُ لَهُ أَفْضَلُ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِيمَنْ يَسْتَقِيمُ عَلَى الْحَالَتَيْنِ (وَفِي الصَّحِيحِ: «الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى» ) ، أَيْ: يَدُ الْمُعْطِي خَيْرٌ مِنْ يَدِ الْآخِذِ.

(وَوَقَعَ خِلَافٌ: هَلْ الْأَفْضَلُ كَسْبُ الْمَالِ وَصَرْفُهُ لِمُسْتَحِقَّيْهِ، أَوْ الِانْقِطَاعُ لِلْعِبَادَةِ) ، وَتَرْكُ مُخَالَطَةِ النَّاسِ؟ (وَيَتَّجِهُ) : الْأَصَحُّ: (الْأَوَّلُ لَتَعْدِي نَفْعِهِ، لَا مُطْلَقًا، بَلْ عَلَى مَا مَرَّ تَفْصِيلُهُ أَوَّلَ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ) مِنْ أَنَّهُ إذَا صَرَفَهُ فِي نَفَقَةٍ وَجِهَادٍ، فَهُوَ أَفْضَلُ، وَإِلَّا فَالْمُنْقَطِعُ لِلْعِبَادَةِ أَفْضَلُ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>