للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تَتِمَّةٌ حُكْمُ مَوَاتُ الْعَنْوَةِ]

تَتِمَّةٌ: مَوَاتُ الْعَنْوَةِ كَأَرْضِ الشَّام وَالْعِرَاقِ كَغَيْرِهِ مِمَّا أَسْلَمَ أَهْلُهُ عَلَيْهِ كَالْمَدِينَةِ، وَمَا صُولِحَ أَهْلُهُ عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ لِلْمُسْلِمِينَ، فَيُمْلَكُ مَوَاتُ الْعَنْوَةِ بِالْإِحْيَاءِ، وَلَا خَرَاجَ عَلَى مُسْلِمٍ أَحْيَا مَوَاتَ أَرْضِ الْعَنْوَةِ، وَمَا رُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ لَيْسَ فِي أَرْضِ السَّوَادِ مَوَاتٌ مُعَلِّلًا بِأَنَّهَا لِجَمَاعَةٍ، فَلَا يَخْتَصُّ بِهَا أَحَدُهُمْ حَمَلَهَا الْقَاضِي عَلَى الْعَامِرِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ أَحْمَدَ قَالَهُ؛ لِكَوْنِ السَّوَادِ كَانَ عَامِرًا فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَحِينَ أَخَذَهُ الْمُسْلِمُونَ مِنْ الْكُفَّارِ، (وَ) سِوَى (مَا أَحْيَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ أَرْضِ كُفَّارٍ صُولِحُوا عَلَى أَنَّهَا) - أَيْ: الْأَرْضَ (لَهُمْ وَلَنَا الْخَرَاجُ عَنْهَا) ، لِأَنَّهُمْ صُولِحُوا فِي بِلَادِهِمْ، فَلَا يَجُوزُ التَّعَرُّضُ لِشَيْءٍ مِنْهَا؛ لِأَنَّ الْمَوَاتَ تَابِعٌ لِلْبَلَدِ، وَيُفَارِقُ دَارَ الْحَرْبِ؛ لِأَنَّهَا عَلَى أَصْلِ الْإِبَاحَةِ، (وَ) سِوَى (مَا قَرُبَ مِنْ الْعَامِرِ) عُرْفًا؛ لِأَنَّ التَّحْدِيدَ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِالتَّوْقِيفِ لَا بِالرَّأْيِ، وَلَمْ يَرِدْ مِنْ الشَّرْعِ تَحْدِيدٌ، فَوَجَبَ أَنْ يَرْجِعَ فِي ذَلِكَ إلَى الْعُرْفِ كَالْقَبْضِ وَالْإِحْرَازِ، وَمَا قِيلَ: إنَّ حَدَّ الْقَرِيبِ خُمُسُ خُمُسِ الْفَرْسَخِ، وَإِذَا وَقَفَ الرَّجُلُ بِأَعْلَاهُ فَصَاحَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ لَمْ يَسْمَعْ أَدْنَى أَهْلِ الْمِصْرِ إلَيْهِ أُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَدًّا لِكُلِّ مَا قَرُبَ مِنْ عَامِرٍ؛ لِأَنَّهُ يُفْضِي لِأَنَّ مَنْ أَحْيَا أَرْضًا فِي مَوَاتٍ حُرِّمَ إحْيَاءُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ الْمَوَاتِ عَلَى غَيْرِهِ، مَا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ الْحَدِّ (وَتَعَلَّقَ بِمَصَالِحِهِ كَطُرُقِهِ وَفِنَائِهِ) مَا اتَّسَعَ أَمَامَهُ (وَمَسِيلِ مَائِهِ وَمَرْعَاهُ وَمُحْتَطَبِهِ وَحَرِيمِهِ) - أَيْ: حَرِيمِ بِئْرِهِ وَحَرِيمِ نَهْرِهِ وَحَرِيمِ عَيْنِ مَائِهِ - (وَمَطْرَحِ تُرَابِهِ) وَقُمَامَتِهِ وَمُلْقَى آلَاتِهِ الَّتِي لَا نَفْعَ بِهَا وَمُرْتَكَضِ خَيْلٍ (وَمَدْفِنِ مَوْتَى وَمُنَاخِ إبِلٍ وَمَنَازِلِ مُسَافِرِينَ مُعْتَادَةٍ) حَوْلَ الْمِيَاهِ وَبِقَاعٍ مُرْصَدَةٍ لِصَلَاةِ الْعِيدَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَالْجَنَائِزِ؛ (مَلَكَهُ) جَوَابُ مَنْ؛ لِمَفْهُومِ حَدِيثِ: «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً مِنْ غَيْرِ حَقِّ مُسْلِمٍ فَهِيَ لَهُ» .

وَلِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلْمَمْلُوكِ، فَأُعْطِيَ حُكْمُهُ، وَيَمْلِكُهُ مُحْيِيهِ (بِمَا فِيهِ مِنْ كَنْزٍ) جَاهِلِيٍّ (وَمَعْدِنٍ جَامِدٍ بَاطِنٍ كَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَحَدِيدٍ) وَنُحَاسٍ وَرَصَاصٍ وَبَلُّورٍ وَمِنْ مَعْدِنٍ جَامِدٍ (ظَاهِرٍ كَجَصٍّ) - وَهُوَ النُّورَةُ (وَكُحْلٍ وَكِبْرِيتٍ) وَزِرْنِيخَ تَبَعًا لِلْأَرْضِ؛

<<  <  ج: ص:  >  >>