وَإِنْ أَقَرَّ لَقِيطٌ بَالِغٌ (بِكُفْرٍ، وَقَدْ نَطَقَ بِإِسْلَامٍ، وَهُوَ مُمَيِّزٌ يَعْقِلُهُ) - أَيْ: الْإِسْلَامَ - أَوْ أَقَرَّ بِهِ لَقِيطٌ بَالِغٌ (مُسْلِمٌ حُكْمًا) ؛ بِأَنْ حَكَمْنَا بِإِسْلَامِهِ مِنْ طَرِيقِ الظَّاهِرِ (تَبَعًا لِلدَّارِ) ؛ بِأَنْ كَانَ وُجِدَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فِيهِ مُسْلِمٌ يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ؛ (فَ) هُوَ (مُرْتَدٌّ) ؛ أَيْ: فَحُكْمُهُ حُكْمُ سَائِرِ الْمُرْتَدِّينَ، يُسْتَتَابُ ثَلَاثًا، فَإِنْ تَابَ، وَإِلَّا قُتِلَ فِي الصُّورَتَيْنِ، أَمَّا فِي الْأُولَى فَبِلَا نِزَاعٍ فِي الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ إسْلَامَهُ مُتَيَقَّنٌ؛ فَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِمَا يُنَافِيهِ.
وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ؛ فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ وُجِدَ عُرْيًا عَنْ الْمَعَارِضِ، وَثَبَتَ حُكْمُهُ وَاسْتَقَرَّ؛ فَلَمْ يَجُزْ إزَالَةُ حُكْمِهِ بِقَوْلِهِ، كَمَا لَوْ قَالَ ذَلِكَ ابْنٌ مُسْلِمٌ، وَقَوْلُهُ لَا دَلَالَةَ فِيهِ أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ فِي الْحَالِ مَنْ كَانَ أَبُوهُ، وَلَا مَا كَانَ دِينُهُ، وَإِنَّمَا يَقُولُ ذَلِكَ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ.
[فَائِدَةٌ أَمَةٍ نَصْرَانِيَّةٍ وَلَدَتْ مِنْ فُجُورٍ]
فَائِدَةٌ قَالَ أَحْمَدُ فِي أَمَةٍ نَصْرَانِيَّةٍ وَلَدَتْ مِنْ فُجُورٍ: وَلَدُهَا مُسْلِمٌ؛ لِأَنَّ أَبَوَيْهِ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ، وَهَذَا لَيْسَ مَعَهُ إلَّا أُمُّهُ.
(وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ) ؛ أَيْ: بِأَنَّ اللَّقِيطَ وَلَدُهُ، (مَنْ) - أَيْ: إنْسَانٌ - (كَوْنُهُ) - أَيْ: اللَّقِيطِ - (مِنْهُ) - أَيْ: مِنْ الْمُقِرِّ - وَلَوْ كَانَ الْمُقِرُّ (كَافِرًا، أَوْ قِنًّا، أَوْ أُنْثَى ذَاتَ زَوَاجٍ أَوْ) ذَاتَ (نَسَبٍ مَعْرُوفٍ) ، أَوْ ذَاتَ إخْوَةٍ؛ (أُلْحِقَ) اللَّقِيطُ، (وَلَوْ) كَانَ (مَيِّتًا، بِهِ) - أَيْ: بِالْمُقِرِّ - لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالنَّسَبِ مَصْلَحَةٌ مَحْضَةٌ لِلَّقِيطِ لِاتِّصَالِ نَسَبِهِ، وَلَا مَضَرَّةَ عَلَى غَيْرِهِ فِيهِ؛ فَقُبِلَ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ لَهُ بِمَالٍ.
وَهَذَا بِلَا خِلَافٍ فِي الْمَذْهَبِ، فِيمَا إذَا كَانَ الْمُقِرُّ رَجُلًا حُرًّا مُسْلِمًا يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ.
نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ، وَعَلَى الصَّحِيحِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُقِرُّ كَافِرًا، وَهُوَ دَاخِلٌ فِي عُمُومِ نَصِّ أَحْمَدَ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ بِنَسَبِ مَجْهُولِ النَّسَبِ، وَلَيْسَ فِي إقْرَارِهِ إضْرَارٌ بِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَلْحَقُهُ فِي النَّسَبِ لَا فِي الدِّينِ؛ فَصَحَّ إقْرَارُهُ. كَالْمُسْلِمِ.
وَعَلَى الصَّحِيحِ أَيْضًا، فِيمَا إذَا كَانَ الْمُقِرُّ أُنْثَى ذَاتَ زَوْجٍ، أَوْ نَسَبٍ مَعْرُوفٍ، أَوْ إخْوَةٍ؛ لِأَنَّهَا أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ؛ فَثَبَتَ النَّسَبُ بِدَعْوَاهَا، كَالْأَبِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute