اسْتَقَرَّ حُكْمُ الْقَطْعِ بِالْبُرْءِ، وَلِوَلِيِّ مَجْنِيٍّ عَلَيْهِ الْخِيَارُ بَيْنَ الْقِصَاصِ وَالْعَفْوِ، فَإِنْ شَاءَ عَفَا، وَأَخَذَ ثَلَاثَ دِيَاتٍ: دِيَةً لِلْيَدَيْنِ وَدِيَةً لِلرِّجْلَيْنِ، وَإِنْ شَاءَ قَطَعَ يَدَيْهِ، وَرِجْلَيْهِ، وَأَخَذَ دِيَةَ نَفْسِهِ، وَإِنْ شَاءَ قَطَعَ يَدَيْهِ أَوْ رِجْلَيْهِ، وَأَخَذَ دِيَتَيْنِ، وَإِنْ شَاءَ قَطَعَ طَرَفًا وَاحِدًا مِنْ الْيَدَيْنِ أَوْ الرِّجْلَيْنِ، وَأَخَذَ دِيَةَ الْبَاقِي وَهُوَ دِيَتَانِ وَنِصْفٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ جِنَايَةٍ مِنْ ذَلِكَ اسْتَقَرَّ حُكْمُهَا فَهِيَ كَالْمُتَّحِدَةِ.
(وَإِنْ ظَنَّ وَلِيُّ دَمٍ أَنَّهُ اقْتَصَّ فِي النَّفْسِ فَلَمْ يَكُنْ اسْتَوْفَى، وَدَاوَاهُ) أَيْ: الْجَانِيَ (أَهْلُهُ حَتَّى بَرِئَ فَإِنْ شَاءَ الْوَلِيُّ دَفَعَ إلَيْهِ دِيَةَ فِعْلِهِ) الَّذِي فَعَلَهُ بِهِ (وَقَتَلَهُ وَإِلَّا) يَدْفَعْ إلَيْهِ دِيَةَ فِعْلِهِ (تَرَكَهُ) فَلَا يَتَعَرَّضُ لَهُ قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": هَذَا رَأْيُ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَيَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ ذَكَرَهُ أَحْمَدُ.
[فَصْلٌ قَتَلَ عَدَدًا فِي وَقْتٍ أَوْ أَكْثَرَ فَرَضِيَ الْأَوْلِيَاءُ بِقَتْلِهِ]
(فَصْلٌ) (وَمَنْ قَتَلَ) عَدَدًا (أَوْ قَطَعَ عَدَدًا) اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ (فِي وَقْتٍ أَوْ أَكْثَرَ) مِنْ وَقْتٍ (فَرَضِيَ أَوْلِيَاءُ كُلٍّ) مِنْ الْقَتْلَى (بِقَتْلِهِ، أَوْ) رَضِيَ (الْمَقْطُوعُونَ بِقَطْعِهِ) فَاقْتَضَى لَهُمْ مَا رَضُوا بِهِ مِنْ قَتْلٍ أَوْ قَطْعٍ (اُكْتُفِيَ بِهِ) لِجَمِيعِهِمْ؛ لِتَعَذُّرِ تَوْزِيعِ الْجَانِي عَلَى الْجِنَايَاتِ، وَلَا شَيْءَ لَهُمْ سِوَى الْقَتْلِ؛ لِأَنَّهُمْ رَضُوا بِقَتْلِهِ؛ فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ سِوَاهُ، وَإِنْ طَلَبَ أَحَدُهُمْ الْقِصَاصَ وَالْبَاقُونَ الدِّيَةَ؛ فَلَهُمْ ذَلِكَ (وَإِنْ طَلَب كُلُّ وَلِيٍّ) مِنْ الْقَتْلَى أَوْ طَلَبَ كُلٌّ مِنْ الْمَقْطُوعِينَ (قَتْلَهُ) أَوْ قَطْعَهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْقَوَدُ لَهُ (وَحْدَهُ وَجِنَايَتُهُ) عَلَى الْجَمِيعِ (فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، قُرِعَ) بَيْنَهُمْ، فَيُقَادُ لِمَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ؛ لِتَسَاوِيهِمْ فِي حَقٍّ لَا يُمْكِنُ تَوْزِيعُهُ عَلَيْهِمْ؛ فَيَتَعَيَّنُ الْمُسْتَحِقُّ بِقُرْعَةٍ (وَإِلَّا) تَكُنْ جِنَايَتُهُ عَلَى الْجَمِيعِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ (أُقِيدَ لِلْأَوَّلِ، وَهُوَ مَنْ مَاتَ أَوَّلًا) لِأَنَّ حَقَّهُ أَسْبَقُ؛ وَلِأَنَّ الْمَحَلَّ صَارَ مُسْتَحِقًّا لَهُ بِالْقَتْلِ.
وَفِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى " تَحْتَ قَوْلِهِ: أُقِيدَ لِلْأَوَّلِ؛ أَيْ: لِمَنْ جُنِيَ عَلَيْهِ أَوَّلًا، فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا هُنَا، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُصَنِّفُ لِمُخَالَفَتِهِ (وَلِمَنْ بَقِيَ) بَعْدَ الْأَوَّلِ (الدِّيَةُ) لِأَنَّ الْقَتْلَ إذَا فَاتَ تَعَيَّنَتْ الدِّيَةُ؛ كَمَا لَوْ بَادَرَ غَيْرُ وَلِيِّ الْأَوَّلِ وَاقْتَصَّ بِجِنَايَتِهِ، فَيَقَعُ مَوْقِعَهُ وَلِلْبَاقِينَ الدِّيَةُ، فَإِنْ كَانَ وَلِيُّ الْأَوَّلِ غَائِبًا أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute