(وَيَزُولُ ضَمَانُهُ) ؛ أَيْ: ضَمَانُ مَا حَرُمَ الْتِقَاطُهُ عَمَّنْ أَخَذَهُ (بِدَفْعِهِ لِإِمَامٍ أَوْ نَائِبِهِ) ؛ لِأَنَّ لِلْإِمَامِ نَظَرًا فِي ضَوَالِّ النَّاسِ، فَيَقُومُ مَقَامَ الْمَالِكِ (أَوْ رَدَّهُ) ؛ أَيْ: الْمَأْخُوذَ مِنْ ذَلِكَ، (إلَى مَكَانِهِ) الَّذِي أَخَذَهُ مِنْهُ (بِأَمْرِهِ) ؛ أَيْ: الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ، لِمَا رَوَى الْأَثْرَمُ، عَنْ الْقَضْبَيْ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ لِرَجُلِ وَجَدَ بَعِيرًا: أَرْسِلْهُ حَيْثُ وَجَدْتَهُ؛ لِأَنَّ أَمْرَهُ بِرَدِّهِ، كَأَخْذِهِ مِنْهُ.
وَعُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّهُ إنْ رَدَّهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ، فَتَلِفَ؛ كَانَ مِنْ ضَمَانِهِ؛ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ حَصَلَتْ فِي يَدِهِ، فَلَزِمَهُ حِفْظُهَا، فَإِذَا ضَيَّعَهَا؛ لَزِمَهُ ضَمَانُهَا؛ كَمَا لَوْ ضَيَّعَ الْوَدِيعَةَ.
[فَرْعٌ وَجَدَ مَا حَرُمَ الْتِقَاطُهُ مِنْ الضَّوَالِّ الْمُمْتَنِعَةِ بِنَفْسِهَا بِمَهْلَكَةٍ]
(فَرْعٌ) : قَالَ فِي " الْمُغْنِي ": (وَلَوْ وَجَدَ مَا حَرُمَ الْتِقَاطُهُ) مِنْ الضَّوَالِّ الْمُمْتَنِعَةِ بِنَفْسِهَا، (بِمَهْلَكَةٍ كَأَرْضٍ مَسْبَعَةٍ) ، يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ الْأَسَدَ يَفْتَرِسُهَا إنْ تُرِكَتْ بِهَا، (أَوْ) وُجِدَ ذَلِكَ (قَرِيبًا مِنْ دَارِ حَرْبٍ) ، يُخَافُ عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِهَا (أَوْ) وَجَدَهُ (بِمَوْضِعٍ يَسْتَحِلُّ أَهْلُهُ أَمْوَالَنَا) ، كَوَادِي التَّيْمِ، أَوْ وَجَدَهُ (بِبَرِّيَّةٍ) لَا مَاءَ فِيهَا وَلَا مَرْعًى، (فَالْأَوْلَى جَوَازُ أَخْذِهِ) ؛ أَيْ: الْمُحَرَّمِ الْتِقَاطُهُ (لِلْحِفْظِ، اسْتِنْقَاذًا) لَهُ مِنْ الْهَلَاكِ.
لَا لُقَطَةً، لِمَا تَقَدَّمَ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، أَشْبَهَ تَخْلِيصَهُ مِنْ غَرَقٍ أَوْ حَرِيقٍ، فَإِذَا حَصَلَ فِي يَدِهِ، سَلَّمَهُ لِنَائِبِ الْإِمَامِ، وَبَرِئَ مِنْ ضَمَانِهِ، وَلَا يَمْلِكُهُ بِالتَّعْرِيفِ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَرِدْ بِذَلِكَ. انْتَهَى.
قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهُوَ كَمَا قَالَ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ " (وَ) قَالَ فِي " الْإِنْصَافِ ": قُلْتُ: (لَوْ قِيلَ بِوُجُوبِهِ) ، أَيْ: الْأَخْذِ مِنْ الْمَوَاضِعِ الْمَذْكُورَةِ "، (إذَنْ) ؛ أَيْ: وَالْحَالَةُ هَذِهِ، (لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ) انْتَهَى.
الْقِسْمُ (الثَّالِثُ) مَا يَجُوزُ الْتِقَاطُهُ، وَيُمْلَكُ بِتَعْرِيفِهِ الْمُعْتَبَرُ شَرْعًا، (مَا عَدَاهُمَا) ؛ أَيْ: مَا عَدَا مَا ذُكِرَ فِي الْقِسْمَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ، (مِنْ ثَمَنٍ) - أَيْ: نَقْدٍ - (وَمَتَاعٍ) كَثِيَابٍ وَفُرُشٍ وَأَوَانِي وَآلَاتِ الْحَرْثِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَمَا لَا يَمْتَنِعُ مِنْ صِغَارِ السِّبَاعِ؛ (كَغَنَمٍ وَفُصْلَانٍ) - بِضَمِّ الْفَاءِ وَكَسْرِهَا -، جَمْعُ فَصِيلٍ، وَهُوَ وَلَدٌ لِلنَّاقَةِ، إذَا فُصِلَ عَنْ أُمِّهِ (وَعَجَاجِيلُ) - جَمْعُ عِجْلٍ، وَهُوَ وَلَدُ الْبَقَرَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute