الدَّافِعِ وَالْمُسْقِطِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي النِّيَّةِ، وَهُنَا الِاعْتِبَارُ بِنِيَّةِ الْقَابِضِ. قَالَ فِي " تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ ": فَقِيَاسُ هَذَا أَنَّ الْمَرْجِعَ فِي ذَلِكَ إلَى الْعَبْدِ الْمُكَاتَبِ، لَا إلَى سَيِّدِهِ، وَمِيلُ " الْإِنْصَافِ " إلَى هَذَا، لَكِنَّ صَرِيحَ كَلَامِهِمْ هُنَاكَ كَمَا دَرَيْتَ، وَهُنَا كَمَا رَأَيْتَ.
[فَصْلٌ يَمْلِكُ الْمُكَاتَبُ كَسْبَهُ وَنَفْعَهُ وَكُلَّ تَصَرُّفٍ يُصْلِحُ مَالَهُ]
(فَصْلٌ: وَيَمْلِكُ الْمُكَاتَبُ كَسْبَهُ وَنَفْعَهُ، وَكُلَّ تَصَرُّفٍ يُصْلِحُ مَالَهُ، كَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَإِجَارَةٍ وَاسْتِئْجَارٍ وَأَخْذٍ بِشُفْعَةٍ وَاسْتِدَانَةٍ) لِأَنَّ الْكِتَابَةَ وُضِعَتْ لِتَحْصِيلِ الْعِتْقِ، وَلَا يَحْصُلُ الْعِتْقُ إلَّا بِأَدَاءِ عِوَضِهِ، وَلَا يُمْكِنُهُ الْأَدَاءُ إلَّا بِالتَّكَسُّبِ، وَهَذِهِ أَقْوَى أَسْبَابِهِ، فَإِنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي الْأَثَرِ أَنَّ تِسْعَةَ أَعْشَارِ الرِّزْقِ فِي التِّجَارَةِ.
(وَتَتَعَلَّقُ) دُيُونٌ اسْتَدَانَهَا الْمُكَاتَبُ، وَعَجَزَ عَنْ أَدَائِهَا (بِذِمَّتِهِ) دُونَ رَقَبَتِهِ.
قَالَ فِي " شَرْحِ الْمُنْتَهَى " عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْمُكَاتَبِ فِي حَالِ مُكَاتَبَتِهِ حُكْمُ الْأَحْرَارِ، وَالْحُرُّ إذَا اسْتَدَانَ دُيُونًا تَعَلَّقَتْ بِذِمَّتِهِ، فَكَذَلِكَ الْمُكَاتَبُ؛ لِأَنَّ ذِمَّتَهُ قَابِلَةٌ لِلِاشْتِغَالِ، وَلِأَنَّهُ فِي يَدِ نَفْسِهِ، فَلَيْسَ مِنْ سَيِّدِهِ غُرُورٌ، بِخِلَافِ الْمَأْذُونِ لَهُ، وَفَائِدَةُ تَعَلُّقِهَا بِالذِّمَّةِ أَنَّهُ (يُتْبَعُ بِهَا بَعْدَ الْعِتْقِ) لِأَنَّ ذَلِكَ حَالَ يَسَارِهِ.
وَقَوْلُهُ (فَإِنْ عَجَزَ) الْمُكَاتَبُ عَنْ دُيُونِ الْمُعَامَلَةِ (تَعَلَّقَتْ بِذِمَّةِ سَيِّدِهِ) ، وَهْمٌ سَرَى إلَيْهِ مِنْ عِبَارَةِ " الْإِقْنَاعِ " وَهِيَ: وَلَا يَمْلِكُ غَرِيمُهُ تَعْجِيزَهُ، وَإِنْ عَجَزَ تَعَلَّقَتْ بِذِمَّةِ سَيِّدِهِ مَعَ أَنَّهَا وَاقِعَةٌ فِي خَبَرِ النَّفْيِ، مَعْطُوفَةٌ عَلَى الْمَنْفِيِّ، وَالتَّقْدِيرُ: وَلَا يُقَالُ إنْ عَجَزَ عُلِّقْت بِذِمَّةِ سَيِّدِهِ؛ لِئَلَّا يُنَاقِضَ مَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا مِنْ أَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ، وَيُتْبَعُ بِهَا بَعْدَ الْعِتْقِ، وَلِئَلَّا يُخَالِفَ كَلَامَ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ الْإِمَامِ. قَالَ فِي " الْمُغْنِي " " وَالشَّرْحِ ": فِيمَا إذَا مَاتَ الْمُكَاتَبُ الْمَدِينُ وَيُسْتَوْفَى مِنْهُ دَيْنُهُ مِمَّا كَانَ فِي يَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَفِ بِهَا سَقَطَ. قَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ عَلَى سَيِّدِهِ قَضَاءُ دَيْنِهِ، هَذَا كَانَ يَسْعَى لِنَفْسِهِ انْتَهَى.
(وَسَفَرُهُ) أَيْ: الْمُكَاتَبُ (كَ) سَفَرِ (غَرِيمٍ) فَلِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ مِنْهُ، وَلَا يَتَأَتَّى أَنْ يُوثَقَ بِرَهْنٍ يُحْرَزُ أَوْ كَفِيلٍ مَلِيءٍ لِأَنَّهُمَا لَا يَصِحَّانِ بِمَالِ الْكِتَابَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute