[فَصْلٌ لَا يَصِحُّ الْخُلْعُ إلَّا بِعِوَضٍ]
فَصْلٌ (وَلَا يَصِحُّ) الْخُلْعُ (إلَّا بِعِوَضٍ) لِأَنَّهُ فَسْخٌ، وَلَا يَمْلِكُ الزَّوْجُ فَسْخَ النِّكَاحِ بِخِلَافِهِ بِلَا مُقْتَضَى؛ بِخِلَافِهِ عَلَى عِوَضٍ، فَيَصِيرُ مُعَاوَضَةً، فَلَا يَجْتَمِعُ لَهُ الْعِوَضُ وَالْمُعَوَّضُ، وَلَوْ قَالَتْ: بِعْنِي عَبْدَكَ فُلَانًا؛ وَاخْلَعْنِي بِكَذَا، فَفَعَلَ؛ صَحَّ، وَكَانَ بَيْعًا وَخُلْعًا بِعِوَضٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّهُمَا عَقْدَانِ يَصِحُّ إفْرَادُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِعِوَضٍ، فَصَحَّ جَمْعُهُمَا كَبَيْعِ ثَوْبَيْنِ
(وَكُرِهَ) خُلْعُ زَوْجَتِهِ (بِأَكْثَرَ مِمَّا آتَاهَا) رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ، «لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي حَدِيثِ جَمِيلَةَ: وَلَا تَزْدَدْ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَعَنْ عَطَاءٍ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْمُخْتَلِعَةِ أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَاهَا» رَوَاهُ أَبُو حَفْصٍ بِإِسْنَادِهِ.
وَلِأَنَّهُ بَذْلٌ فِي مُقَابَلَةِ فَسْخٍ، فَلَمْ يَزِدْ عَلَى قَدْرِهِ فِي ابْتِدَاءِ الْعَقْدِ كَالْعِوَضِ فِي الْإِقَالَةِ، وَلَا يَحْرُمُ ذَلِكَ.
لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: ٢٢٩] وَقَالَتْ الرُّبَيِّعِ بِنْتُ مُعَوِّذٍ «اخْتَلَعْتُ مِنْ زَوْجِي بِمَا دُونَ عِقَاصِ رَأْسِي، فَأَجَازَ ذَلِكَ» .
(وَهُوَ) أَيْ: الْخُلْعُ (عَلَى مُحَرَّمٍ يَعْلَمَانِهِ كَخَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ) كَخُلْعٍ (بِلَا عِوَضٍ) فَلَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ بِالْبِضْعِ وَخُرُوجُ الْبِضْعِ مِنْ مِلْكِ الزَّوْجِ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ فَإِذَا رَضِيَ بِغَيْرِ عِوَضٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ كَمَا لَوْ نَجَّزَ طَلَاقَهَا أَوْ عَقَلَهُ عَلَى فِعْلِهَا شَيْئًا، فَفَعَلَتْهُ، وَفَارَقَ النِّكَاحَ فَإِنَّ دُخُولَ الْبِضْعِ فِي مِلْكِ الزَّوْجِ مُتَقَوِّمٌ، وَأَمَّا إذَا طَلَّقَهَا عَلَى عَبْدٍ، فَبَانَ حُرًّا، فَلَمْ يَرْضَ بِغَيْرِ عِوَضٍ مُتَقَوِّمٍ، فَيَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ بِحُكْمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute