الْخُسْرَانِ، وَإِنْ كَانَ رَبُّ الْمَالِ أَخَذَ خَمْسِينَ؛ بَقِيَ أَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعُونَ وَأَرْبَعَةُ أَتْسَاعٍ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ خَمْسَةَ أَتْسَاعِ الْمَالِ؛ فَسَقَطَ خَمْسَةُ أَتْسَاعِ الْخُسْرَانِ، وَهِيَ خَمْسَةٌ وَخَمْسَةُ أَتْسَاعِ دِرْهَمٍ، يَبْقَى مَا ذُكِرَ
[فَصْلٌ تَنْفَسِخُ مُضَارَبَةٌ فِيمَا تَلِفَ قَبْلَ عَمَلِ الْعَامِلِ]
فَصْلٌ (وَتَنْفَسِخُ) مُضَارَبَةٌ (فِيمَا تَلِفَ) مِنْ مَالِهَا (قَبْلَ عَمَلِ) الْعَامِلِ فِي مَالِهَا، وَيَصِيرُ الْبَاقِي رَأْسَ الْمَالِ؛ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ بِالْعَمَلِ لَمْ يُصَادِفْ إلَّا الْبَاقِيَ، فَكَانَ هُوَ رَأْسَ الْمَالِ، بِخِلَافِ مَا تَلِفَ بَعْدَ الْعَمَلِ، لِأَنَّهُ دَارَ بِالتَّصَرُّفِ، فَوَجَبَ إكْمَالُهُ؛ لِاسْتِحْقَاقِهِ الرِّبْحَ، لِأَنَّهُ مُقْتَضَى الشَّرْطِ.
(فَإِنْ تَلِفَ) بَعْضُ رَأْسِ الْمَالِ قَبْلَ تَصَرُّفِ الْعَامِلِ فِيهِ، انْفَسَخَتْ الْمُضَارَبَةُ فِي التَّالِفِ، وَكَانَ رَأْسُ الْمَالِ هُوَ الْبَاقِي خَاصَّةً، لِأَنَّهُ مَالٌ هَلَكَ عَلَى جِهَتِهِ قَبْلَ التَّصَرُّفِ، أَشْبَهَ التَّالِفَ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَفَارَقَ مَا بَعْدَ التَّصَرُّفِ، لِأَنَّهُ دَارَ فِي التِّجَارَةِ، وَشُرِعَ فِيمَا قُصِدَ بِالْعَقْدِ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الْمُؤَدِّيَةِ إلَى الرِّبْحِ.
(وَإِنْ تَلِفَ الْكُلُّ) ؛ أَيْ: كُلُّ مَالِ الْمُضَارَبَةِ قَبْلَ التَّصَرُّفِ، (ثُمَّ اشْتَرَى) الْعَامِلُ (لِلْمُضَارَبَةِ شَيْئًا) مِنْ السِّلَعِ؛ فَهُوَ (كَفُضُولِيٍّ) ؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَاهَا فِي ذِمَّتِهِ، وَلَيْسَتْ مِنْ الْمُضَارَبَةِ؛ لِانْفِسَاخِ الْمُضَارَبَةِ بِتَلَفِ الْمَالِ، فَبَطَلَ الْإِذْنُ فِي التَّصَرُّفِ، فَقَدْ اشْتَرَى لِغَيْرِهِ مَا لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ، فَكَانَ مَا اشْتَرَاهُ لَهُ، وَثَمَنُهُ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ عَلِمَ تَلَفَ الْمَالِ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ أَوْ جَهِلَهُ، مَا لَمْ يُجِزْ رَبُّ الْمَالِ شِرَاءَهُ فَيَكُونُ لَهُ، كَمَا تَقَدَّمَ فِيمَنْ اشْتَرَى لِغَيْرِهِ سِلْعَةً وَلَمْ يُسَمِّهِ.
(وَإِنْ تَلِفَ) مَالُ الْمُضَارَبَةِ (بَعْدَ شِرَائِهِ) - أَيْ: الْعَامِلِ - (فِي ذِمَّتِهِ وَقَبْلَ نَقْدِ ثَمَنِ) مَا اشْتَرَاهُ؛ فَالْمُضَارَبَةُ بِحَالِهَا.
(أَوْ تَلِفَ الثَّمَنُ) ؛ أَيْ: مَالُ الْمُضَارَبَةِ بَعْدَ الْعَمَلِ (مَعَ مَا اشْتَرَاهُ) لَهَا؛ (فَالْمُضَارَبَةُ) بَاقِيَةٌ (بِحَالِهَا) ؛ لِأَنَّ الْمُوجِبَ لِفَسْخِهَا هُوَ التَّلَفُ، وَلَمْ يُوجَدْ حِينَ الشِّرَاءِ وَلَا قَبْلَهُ، وَالثَّمَنُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ؛ لِأَنَّ حُقُوقَ الْعَقْدِ مُتَعَلِّقَةٌ بِهِ؛ كَالْمُوَكِّلِ، وَيَصِيرُ رَأْسُ الْمَالِ الثَّمَنَ دُونَ التَّالِفِ؛ لِتَلَفِهِ قَبْلَ التَّصَرُّفِ فِيهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ تَلِفَ قَبْلَ الْقَبْضِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute