للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ الدَّفْعُ بَعْدَ الْغُرُوبِ مِنْ عَرَفَةَ لِمُزْدَلِفَةَ]

(فَصْلٌ) (ثُمَّ يَدْفَعُ بَعْدَ الْغُرُوبِ) مِنْ عَرَفَةَ (لِمُزْدَلِفَةَ) مِنْ الزُّلَفِ، وَهُوَ: التَّقْرِيبُ، لِأَنَّ الْحَاجَّ إذَا أَفَاضُوا مِنْ عَرَفَاتٍ ازْدَلَفُوا إلَيْهَا أَيْ: تَقَرَّبُوا وَمَضَوْا إلَيْهَا، وَتُسَمَّى جَمْعًا لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ بِهَا (مَعَ إمَامٍ أَوْ نَائِبِهِ، كَأَمِيرٍ حَاجٍّ، فَيُكْرَهُ) الدَّفْعُ (قَبْلَهُ) لِقَوْلِ أَحْمَدَ: لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَدْفَعَ إلَّا مَعَ الْإِمَامِ لَكِنْ لَوْ دَفَعَ قَبْلَهُ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

(وَهِيَ) أَيْ: مُزْدَلِفَةُ: (مَا بَيْنَ الْمَأْزِمَيْنِ) بِالْهَمْزِ وَكَسْرِ الزَّايِ، وَهُمَا: جَبَلَانِ بَيْنَ عَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ (وَوَادِي مُحَسِّرٍ) بِالْحَاءِ وَالسِّينِ الْمُهْمَلَتَيْنِ: وَادٍ بَيْنَ مُزْدَلِفَةَ وَمِنًى، سُمِّيَ بِذَلِكَ، لِأَنَّهُ يَحْسَرُ سَالِكَهُ (بِسَكِينَةٍ) لِقَوْلِ جَابِرٍ: «دَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ شَنَقَ الْقَصْوَاءَ بِالزِّمَامِ حَتَّى إنَّ رَأْسَهَا لَيُصِيبُ مَوْرِكَ رَحْلِهِ، وَيَقُولُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى: أَيُّهَا النَّاسُ، السَّكِينَةَ السَّكِينَةَ» وَقَوْلُهُ: شَنَقَ، أَيْ: كَفَّ رَأْسَهَا إلَى مُقَدَّمَةِ الرَّحْلِ، وَقَوْلُهُ: مَوْرِكَ رَحْلِهِ، الْوَرِكُ: مَا فَوْقَ الْفَخِذِ (يُسْرِعُ فِي الْفُرْجَةِ) لِحَدِيثِ أُسَامَةَ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسِيرُ الْعَنَقَ، فَإِذَا وَجَدَ فَجْوَةً نَصَّ» ، أَيْ: أَسْرَعَ لِأَنَّ الْعَنَقَ انْبِسَاطُ السَّيْرِ، وَالنَّصُّ: فَوْقَ الْعَنَقِ (فَإِذَا بَلَغَهَا) أَيْ: مُزْدَلِفَةَ (جَمَعَ الْعِشَاءَيْنِ بِهَا) أَيْ: مَنْ يَجُوزُ لَهُ الْجَمْعُ (نَدْبًا، وَلَوْ مُنْفَرِدًا قَبْلَ حَطِّ رَحْلِهِ) لِحَدِيثِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: «دَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ عَرَفَةَ حَتَّى إذَا كَانَ بِالشِّعْبِ، نَزَلَ فَبَالَ، ثُمَّ تَوَضَّأَ، فَقُلْت لَهُ: الصَّلَاةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: الصَّلَاةُ أَمَامَك، فَرَكِبَ، فَلَمَّا جَاءَ مُزْدَلِفَةَ نَزَلَ فَتَوَضَّأَ فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ، ثُمَّ أَنَاخَ كُلُّ إنْسَانٍ بَعِيرَهُ فِي مَنْزِلِهِ، ثُمَّ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ، فَصَلَّى الْعِشَاءَ، وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>