(فَلِلْمُحْتَالِ) بِذَلِكَ (طَلَبُ مُحِيلِهِ) بِحَقِّهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْرَأْ مِنْهُ بِوَفَاءٍ وَلَا إبْرَاءٍ وَلَا حَوَالَةٍ صَحِيحَةٍ.
(وَإِحَالَةُ مَنْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ) شَخْصًا (مَنْ دَيْنُهُ عَلَيْهِ وَكَالَةٌ لَهُ فِي الِاسْتِيفَاءِ) - وَلَوْ جَرَتْ بِلَفْظِ الْحَوَالَةِ - إذْ لَيْسَ فِيهَا تَحْوِيلُ حَقٍّ مِنْ ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ، وَإِنَّمَا جَازَتْ الْوَكَالَةُ بِلَفْظِ الْحَوَالَةِ؛ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْمَعْنَى، وَهُوَ اسْتِحْقَاقُ الْوَكِيلِ مُطَالَبَةَ مَنْ عَلَيْهِ؛ الدَّيْنُ كَاسْتِحْقَاقِ الْمُحْتَالِ مُطَالَبَةَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ، وَتَثْبُتُ فِيهَا أَحْكَامُ الْوَكَالَةِ مِنْ عَزْلِ الْوَكِيلِ بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ وَعَزْلِهِ وَنَحْوِهِ.
(وَ) إحَالَةُ (مَنْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ عَلَى مِثْلِهِ) ؛ أَيْ: مَنْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ (وَكَالَةٌ فِي اقْتِرَاضٍ، وَكَذَا) إحَالَةُ (مَدِينٍ عَلَى بَرِيءٍ) وَكَالَةٌ فِي اقْتِرَاضٍ (فَلَا يُصَارِفُهُ) الْمُحْتَالُ نَصًّا؛ لِأَنَّهُ وَكَالَةٌ فِي الِاقْتِرَاضِ لَا فِي الْمُصَارَفَةِ، فَإِنْ قَبَضَ الْمُحْتَالُ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ؛ رَجَعَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ إذَنْ عَلَى الْمُحِيلِ بِمَا دَفَعَهُ عَنْهُ لِلْمُحْتَالِ؛ لِأَنَّهُ قَرَضَ وَلَمْ يَتَبَرَّعْ، وَإِنْ أَبْرَأَ الْمُحْتَالُ الْمُحَالَ عَلَيْهِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ مِنْهُ؛ لَمْ تَصِحَّ الْبَرَاءَةُ؛ لِأَنَّهَا بَرَاءَةٌ لِمَنْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَبَضَ الْمُحْتَالُ بَعْدَ أَنْ قَبَضَهُ مِنْهُ؛ مَلَكَهُ، وَرَجَعَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ عَلَى الْمُحِيلِ بِمَا دَفَعَهُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ قَرْضٌ، وَهِبَةُ الْمُحْتَالِ بَعْدَ ذَلِكَ غَيْرُ نَافِعَةٍ.
[بَابُ الصُّلْحِ]
(بَابُ الصُّلْحِ) (الصُّلْحُ) : لُغَةً (التَّوْفِيقُ وَالسَّلْمُ) - بِفَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِهَا -؛ أَيْ: قَطْعُ الْمُنَازَعَةِ، (وَهُوَ) ؛ أَيْ: الصُّلْحُ (مِنْ أَكْبَرِ الْعُقُودِ فَائِدَةً) ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ الِائْتِلَافِ، بَعْدَ الِاخْتِلَافِ وَقَطْعِ النِّزَاعِ وَالشِّقَاقِ، (وَلِذَلِكَ حَسُنَ) ؛ أَيْ: أُبِيحَ (فِيهِ الْكَذِبُ) كَمَا يَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ مُوَضَّحًا.
وَهُوَ ثَابِتٌ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحجرات: ٩] .
وَلِحَدِيثِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute