[فَصْلٌ يُسَنُّ تَعَلُّمُ التَّأْوِيلِ]
(فَصْلٌ) (يُسَنُّ تَعَلُّمُ التَّأْوِيلِ، وَهُوَ) أَيْ: التَّأْوِيلُ (هُنَا: التَّفْسِيرُ) لَا إخْرَاجُ اللَّفْظِ عَنْ ظَاهِرِهِ.
(وَيَجُوزُ تَفْسِيرُ) الْقُرْآنِ (بِمُقْتَضَى اللُّغَةِ) الْعَرَبِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ نَزَلَ بِهَا، وَ (لَا) يَجُوزُ تَفْسِيرُ الْقُرْآنِ (بِالرَّأْيِ) مِنْ غَيْرِ لُغَةٍ وَلَا نَقْلٍ، (فَمَنْ قَالَ فِيهِ) ، أَيْ: الْقُرْآنِ، أَيْ: فَسَّرَهُ (بِرَأْيِهِ أَوْ بِمَا لَا يَعْلَمُ؛ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ) ، أَيْ: لِيَنْزِلْ مَنْزِلَهُ (مِنْ النَّارِ، وَأَخْطَأَ وَلَوْ أَصَابَ) ، لِمَا رَوَى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: «مَنْ قَالَ فِي الْقُرْآنِ بِرَأْيِهِ، أَوْ بِمَا لَا يَعْلَمُ؛ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ. وَعَنْ سُهَيْلِ بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجُوَيْنِيِّ عَنْ جُنْدُبٍ مَرْفُوعًا: «مَنْ قَالَ فِي الْقُرْآنِ بِرَأْيِهِ فَأَصَابَ؛ فَقَدْ أَخْطَأَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: غَرِيبٌ، وَسُهَيْلٌ ضَعَّفَهُ الْأَئِمَّةُ، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْمَعْنَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ. (وَيَلْزَمُ الرُّجُوعُ لِتَفْسِيرِ صَحَابِيٍّ) ؛ لِأَنَّهُمْ شَاهَدُوا التَّنْزِيلَ، وَحَضَرُوا التَّأْوِيلَ، فَهُوَ أَمَارَةٌ ظَاهِرَةٌ.
وَ (لَا) يَلْزَمُ الرُّجُوعُ لِتَفْسِيرِ (تَابِعِيٍّ) ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَلَعَلَّهُ مُرَادُ غَيْرِهِ، إلَّا أَنْ يُنْقَلَ ذَلِكَ عَنْ الْعَرَبِ، قَالَهُ فِي " الْفُرُوعِ " وَلَا يُعَارِضُهُ مَا نَقَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ: تَنْظُرُ مَا كَانَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَنْ الصَّحَابَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَنْ التَّابِعِينَ، لِإِمْكَانِ حَمْلِهِ عَلَى إجْمَاعِهِمْ، لَا عَلَى مَا انْفَرَدَ بِهِ أَحَدُهُمْ.
قَالَهُ الْقَاضِي
(وَإِذَا قَالَ الصَّحَابِيُّ مَا يُخَالِفُ الْقِيَاسَ، فَهُوَ تَوْقِيفٌ) مِنْهُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ عَنْ اجْتِهَادٍ، فَهُوَ فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute