للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَهُ؛ أَيْ: الْمُسْتَفْتِي (الْعَمَلُ بِخَطِّ الْمُفْتِي، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ الْفَتْوَى مِنْ لَفْظِهِ إذَا عَرَفَ أَنَّهُ خَطُّهُ) لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يَكْتُبُ لِعُمَّالِهِ وَوُلَاتِهِ وَسُعَاتِهِ، وَيَعْمَلُونَ بِذَلِكَ. وَلِدُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، بِخِلَافِ حُكْمِ الْحَاكِمِ.

قَالَ فِي شَرْحِ " الْإِقْنَاعِ " قُلْتُ: وَمِنْ ذَلِكَ الْعَمَلُ بِكُتُبِ الْأَئِمَّةِ إذَا عَلِمَ أَنَّهَا خَطُّهُمْ، أَوْ نَقَلَهَا الثِّقَةُ مِنْ خَطِّهِمْ.

[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْقَضَاءُ]

فَصْلٌ (وَالْقَضَاءُ هُوَ) فِي اللُّغَةِ إحْكَامُ الشَّيْءِ وَالْفَرَاغُ مِنْهُ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ} [فصلت: ١٢] وَبِمَعْنَى أَوْجَبَ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ} [الإسراء: ٢٣] وَبِمَعْنَى أَمْضَى الْحُكْمَ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: " {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ} [الإسراء: ٤] ، أَيْ: وَأَمْضَيْنَا وَأَنْهَيْنَا، وَسُمِّيَ الْحَاكِمُ قَاضِيًا، لِأَنَّهُ يُمْضِي الْأَحْكَامَ وَيُحْكِمُهَا أَوْ لِإِيجَابِ الْحُكْمِ عَلَى مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ. وَاصْطِلَاحًا: (تَبَيُّنُ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ وَالْإِلْزَامُ بِهِ وَفَصْلُ الْحُكُومَاتِ) ؛ أَيْ: الْخُصُومَاتِ. وَالْحُكْمُ إنْشَاءٌ لِذَلِكَ الْإِلْزَامِ إنْ كَانَ فِيهِ إلْزَامٌ، أَوْ لِلْإِبَاحَةِ إحْيَاؤُهُ صَارَ مُبَاحًا لِجَمِيعِ النَّاسِ. وَالْإِطْلَاقُ، إنْ كَانَ الْحُكْمُ فِي الْإِبَاحَةِ كَحُكْمِ الْحَاكِمِ الْمَالِكِيِّ بِأَنَّ الْمَوَاتَ إذَا بَطَلَ إحْيَاؤُهُ صَارَ مُبَاحًا لِجَمِيعِ النَّاسِ قَالَهُ ابْنُ قُنْدُسٍ وَفِي " الِاخْتِيَارَاتِ الْحَاكِمُ فِيهِ صِفَاتٌ ثَلَاثٌ، فَمِنْ جِهَةِ الْإِثْبَاتِ هُوَ شَاهِدٌ وَمِنْ جِهَةِ الْأَمْرِ " وَالنَّهْيِ هُوَ مُفْتٍ، وَمِنْ جِهَةِ الْإِلْزَامِ بِذَلِكَ هُوَ ذُو سُلْطَانٍ. انْتَهَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>