إنَّمَا يَسْتَتِرُونَ بِمَذْهَبِهِمْ؛ وَقَدْ ظَهَرَتْ لِلَّهِ فِيهِمْ مُثُلَاتٌ وَتَوَاتَرَ النَّقْلُ بِأَنَّ وُجُوهَهُمْ تُمْسَخُ خَنَازِيرَ فِي الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ انْتَهَى.
(وَكَذَا مَنْ أَنْكَرَ صُحْبَةَ أَبِي بَكْرٍ) بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ فَقَدْ كَفَرَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ} [التوبة: ٤٠] فَإِنْكَارُ صُحْبَتِهِ تَكْذِيبٌ لِلَّهِ، وَكَذَا يَكْفُرُ مُنْكِرُ صُحْبَتِهِ نَحْوَ عُمَرَ كَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ؛ لِتَكْذِيبِهِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِصَحَابِيَّتِهِ، وَلِأَنَّهُ يَعْرِفُهَا الْخَاصُّ وَالْعَامُّ وَانْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى ذَلِكَ، فَنَافِي صَحَابِيَّتِهِ أَحَدِهِمْ مُكَذِّبٌ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
[تَتِمَّةٌ سَبَّ الصَّحَابَةَ سَبَّا لَا يَقْدَحُ فِي عَدَالَتِهِمْ وَلَا دِينِهِمْ]
تَتِمَّةٌ: وَإِنْ سَبَّ الصَّحَابَةَ سَبَّا لَا يَقْدَحُ فِي عَدَالَتِهِمْ وَلَا دِينِهِمْ مِثْلُ مَنْ وَصَفَ بَعْضُهُمْ بِبُخْلٍ أَوْ جُبْنٍ أَوْ قِلَّةِ عِلْمٍ أَوْ عَدَمِ زُهْدٍ وَنَحْوِهِ؛ فَهَذَا يَسْتَحِقُّ التَّأْدِيبَ وَالتَّعْزِيرَ، وَلَا يُكَفَّرُ، وَأَمَّا مَنْ لَعَنَ وَقَبَّحَ مُطْلَقًا، فَهَذَا مَحَلُّ الْخِلَافِ أَعْنِي هَلْ يُكَفَّرُ أَوْ يُفَسَّقُ؟ تَوَقَّفَ أَحْمَدُ فِي كُفْرِهِ وَقَتْلِهِ، وَقَالَ: يُعَاقَبُ وَيُجْلَدُ وَيُحْبَسُ حَتَّى يَمُوتَ أَوْ يَرْجِعَ عَنْ ذَلِكَ، وَفِي الْفَتَاوَى الْمِصْرِيَّةِ لِابْنِ تَيْمِيَّةَ يَسْتَحِقُّ عُقُوبَةً بَلِيغَةً بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ.
(أَوْ شُفِعَ عِنْدَهُ) فِي رَجُلٍ فَقَالَ: " لَوْ جَاءَ النَّبِيُّ " - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (لِيَشْفَعَ فِيهِ مَا قَبِلْت مِنْهُ؛ كَفَرَ وَيَتَّجِهُ) أَنَّهُ يُحْكَمُ بِكُفْرِ قَائِلِ ذَلِكَ (إنْ قَالَهُ اسْتِخْفَافًا) بِمَقَامِهِ الرَّفِيعِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَتُوبَ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ أَوْ قَبْلَهَا فَإِنْ تَابَ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ؛ قُتِلَ (لَا) إنْ تَابَ قَبْلَهَا.
أَوْ قَالَ ذَلِكَ (لِلتَّأْكِيدِ) دُونَ الِاسْتِخْفَافِ؛ فَإِنَّهُ لَا يُكَفَّرُ، وَلَا يُقْتَلُ كَالْمُحَارِبِ فِي أَظْهَرِ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ أَفَادَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute