النَّقِيعَ لِخَيْلِ الْمُسْلِمِينَ» . رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ. وَالنَّقِيعُ - بِالنُّونِ - مَوْضِعٌ يُنْتَقَعُ فِيهِ الْمَاءُ فَيَكْثُرُ فِيهِ الْخِصْبُ.
تَتِمَّةٌ: وَإِذَا كَانَ الْحِمَى لِكَافَّةِ النَّاسِ تَسَاوَوْا فِيهِ جَمِيعُهُمْ، فَإِنْ خُصَّ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ اشْتَرَكَ فِيهِ غَنِيُّهُمْ وَفَقِيرُهُمْ، وَمُنِعَ مِنْهُ أَهْلُ الذِّمَّةِ، وَإِنْ خُصَّ فِيهِ الْفُقَرَاءُ مُنِعَ مِنْهُ الْأَغْنِيَاءُ وَأَهْلُ الذِّمَّةِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُخَصَّ فِيهِ الْأَغْنِيَاءُ دُونَ الْفُقَرَاءِ، وَلَا أَهْلِ الذِّمَّةِ، فَلَوْ امْتَنَعَ الْحِمَى الْمَخْصُوصُ لِعُمُومِ النَّاسِ جَازَ أَنْ يَشْتَرِكُوا فِيهِ لِارْتِفَاعِ الضَّرَرِ عَلَى مَنْ يُخَصُّ بِهِ، وَلَوْ ضَاقَ الْحِمَى الْعَامُّ عَنْ جَمِيعِ النَّاسِ؛ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَخْتَصَّ بِهِ أَغْنِيَاؤُهُمْ، وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ أَرْبَابِ الدَّوَابِّ عِوَضًا عَنْ مَرْعَى مَوَاتٍ أَوْ حِمًى؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَشْرَكَ النَّاسَ فِيهِ. قَالَهُ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ.
[فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مِنْ أَحْكَامِ الِانْتِفَاعِ بِالْمِيَاهِ غَيْرِ الْمَمْلُوكَةِ]
(فَصْلٌ) : فِي مَسَائِلَ مِنْ أَحْكَامِ الِانْتِفَاعِ بِالْمِيَاهِ غَيْرِ الْمَمْلُوكَةِ وَنَحْوِهَا (وَلِمَنْ فِي أَعْلَى مَاءٍ غَيْرِ مَمْلُوكٍ كَالْأَمْطَارِ وَالْأَنْهَارِ الصِّغَارِ أَنْ يَسْقِيَ) [وَيَحْبِسَهُ]- أَيْ: الْمَاءَ - (حَتَّى يَصِلَ إلَى كَعْبِهِ، ثُمَّ يُرْسِلَهُ إلَى مَنْ يَلِيهِ) - أَيْ: السَّاقِي أَوَّلًا - (ثُمَّ هُوَ) - أَيْ: الَّذِي أُرْسِلَ إلَيْهِ الْمَاءُ - (كَذَلِكَ) ؛ أَيْ: يَفْعَلُ كَمَا فَعَلَ الْأَوَّلُ (مُرَتَّبًا) ؛ أَيْ: ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ يَفْعَلُ كَمَا فَعَلَا، وَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْحَالُ إلَى أَنْ تَنْتَهِيَ الْأَرَاضِي كُلُّهَا (إنْ فَضَلَ شَيْءٌ) عَمَّنْ قُلْنَا: إنَّ لَهُ السَّقْيَ وَالْحَبْسَ، (وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لِلْبَاقِي) - أَيْ: لِمَنْ بَعْدَهُ - لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إلَّا مَا فَضَلَ، فَهُمْ كَالْعَصَبَةِ مَعَ أَهْلِ الْفُرُوضِ فِي الْمِيرَاثِ؛ لِحَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى فِي شُرْبِ النَّخْلِ مِنْ السَّيْلِ أَنَّ الْأَعْلَى يَشْرَبُ قَبْلَ الْأَسْفَلِ، وَيُتْرَكُ الْمَاءُ إلَى الْكَعْبَيْنِ، ثُمَّ يُرْسَلُ الْمَاءُ إلَى الْأَسْفَلِ الَّذِي يَلِيهِ، وَكَذَلِكَ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْحَوَائِطُ أَوْ يَفْنَى الْمَاءُ» . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ.
وَلِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ «أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ خَاصَمَ الزُّبَيْرَ فِي شِرَاجِ الْحَرَّةِ الَّتِي يَسْقُونَ بِهَا إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اسْقِ يَا زُبَيْرُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute